الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أنقرة أكثر قربا من موسكو بعد إلغاء عقوبات واشنطن

أنقرة أكثر قربا من موسكو بعد إلغاء عقوبات واشنطن

05.11.2019
ذو الفقار دوغان



العرب اللندنية
الاثنين 4/11/2019
علّق المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على الاتفاقات التي أبرمتها أنقرة مع واشنطن في 17 أكتوبر ومع روسيا في 22 أكتوبر بالقول إن بلاده “انتصرت في الميدان وعلى الطاولة”.
لكنّ أيا كان تفسير تلك الاتفاقات، فإنها جعلت الأميركيين والروس معتمدين على تركيا في ما يتعلق بالصراع السوري.
قبل أربع سنوات فقط، وبالتحديد في 24 نوفمبر 2015 حين أسقطت تركيا مقاتلة حربية روسية مثيرة أزمة كبرى بين البلدين، فرضت موسكو عقوبات على صادرات تركيا وعلى السياحة إليها وعلى صناعة المقاولات.
يومها توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تدفع تركيا “ثمنا باهظا” لهذه الفعلة، بالقول إن قائمة شاملة من العقوبات ستسري على أنقرة في أول يناير 2016.
كان طيار روسي آخر من المقاتلة المستهدفة بنيران جماعات جهادية في سوريا قد أصيب، ونُشرت له صور ومقاطع فيديو قبل مقتله.
حين هدد ترامب والكونغرس بفرض عقوبات على تركيا، توصل أردوغان إلى قناعة بقدرته على جلب هذه الإدارة إلى النقطة التي يريدها
وبعد الواقعة، علّقت روسيا اتفاقا مع تركيا كانت تلغى بموجبه تأشيرات الدخول من الجانبين. كما أوقفت مشاريع مقاولات بقيمة مليارات الدولارات كانت قد فازت بها تركيا ضمن العمل لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم في روسيا عام 2018.
عانت الشركات التركية كثيرا في تلك الفترة بعد أن فرض بوتين العقوبات فاضطر الرئيس التركي للاعتذار ستّ مرات كاملة بعد أن أوشكت صادرات بلاده من الفاكهة والخضروات على الانهيار، بينما أوقفت روسيا تدفقا سياحيا يقدّر بخمسة ملايين زائر إلى تركيا التي كانت تستفيد بمليارات الدولارات.
لكنّ اعتذارات أردوغان أعادت العلاقات مع روسيا إلى طريقها الصحيح في يونيو 2016. في البداية تحدّث أردوغان وبوتين هاتفيا في 8 أغسطس 2016، ثم التقيا وجها لوجه في سان بطرسبرغ.
بعدها اقتربت تركيا من المعسكر الروسي الإيراني في سوريا لتعود العلاقات العسكرية والسياسية أفضل ممّا كانت قبل فرض العقوبات.
لكن روسيا في المقابل لم ترفع الحظر على تأشيرات دخول الأتراك حتى الآن، ولا تزال أبوابها مغلقة في وجه العمّال والمقاولين الأتراك.
وفي مقابل حوافز استثمارية مميزة وانخفاض تكلفة الاستثمار فيها بنحو النصف تقريبا، حصلت تركيا على عقود في روسيا بقيمة 16 مليار دولار في خط أنابيب توركاك.
وفي النهاية اشترت تركيا نظام الدفاع الصاروخي الروسي أس-400 بنحو أربعة مليارات دولار، مخاطرة بذلك بالتعرّض لعقوبات من الولايات المتحدة وصلت لحدّ استبعادها من برنامج الطائرة المقاتلة أف-35.
وفي الوقت الحالي، يجري التفاوض على عقود لشراء الطائرة المقاتلة الروسية سوخوي 35 والجيل الأحدث من المقاتلة سوخوي 57.
إذا، حصل بوتين على كل ما يريده خلال اجتماع 22 أكتوبر في سوتشي، إذ قُبلت جميع الطلبات الروسية تقريبا.
وفي الواقع، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في سوتشي وأمام أردوغان أن العملية العسكرية نبع السلام، التي قادتها تركيا في شمال سوريا قد انتهت.
وفي صباح اليوم التالي، أعلنت وزارة الدفاع التركية انتهاء العملية العسكرية، أي بعد ساعات من إعلان لافروف.
أيا كان تفسير تلك الاتفاقات، فإنها جعلت الأميركيين والروس معتمدين على تركيا في ما يتعلق بالصراع السوري
مكاسب كبرى لروسيا إذا في العلاقة مع تركيا منذ 2016، إذ باتت تتحكم في اتفاقات المياه المبرمة بين سوريا وتركيا منذ عام 2009. وتبقى في يد بوتين إمكانية إغلاق خطوط الغاز في حالة حدوث أيّ خلاف.
الشيء نفسه عاشته تركيا مع الإدارة الأميركية، التي هددت مرارا بفرض عقوبات مع كل أزمة من قبيل أزمة القس برانسون. وفرضت عقوبات على أصول للرئيس وعائلته ووزير الخزانة والمالية، ووزراء الدفاع والداخلية والطاقة.
وعلى طاولة مجلس الشيوخ الأميركي، هناك الآن مقترحات تشريعية مختلفة تشمل عقوبات ضد أفراد وجهات متورطة في قضية بنك خلق.
وحين هدد ترامب والكونغرس بفرض عقوبات على تركيا، توصل أردوغان إلى قناعة بقدرته على جلب هذه الإدارة إلى النقطة التي يريدها، رغم خطاب شديد اللهجة بعثه ترامب إلى أردوغان في التاسع من أكتوبر.
في ذلك الخطاب، هدد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي إن لم تفعل تركيا المطلوب وتوقف عمليتها العسكرية في شمال سوريا. لكن اليوم، وبعد الاجتماع الذي جرى قبل أيام، تبدو الأشياء مختلفة بشكل كبير.
فحين يزور أردوغان واشنطن في 13 نوفمبر، فإن المتوقع أن يهدي ترامب صفقة لشراء نظام باتريوت الدفاعي من الولايات المتحدة.
لقد تفادى أردوغان بهذه السياسة الضغوط الأميركية والروسية وحصل على كل ما أراد في أنقرة وفي سوتشي.