الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أنقرة وواشنطن ومأزق الأكراد

أنقرة وواشنطن ومأزق الأكراد

21.02.2016
أيمن الحماد


الرياض
السبت 20/2/2016
    قبل أسبوع قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن واشنطن ستحوّل المنطقة إلى "بركة دماء بسبب دعمها لوحدات حماية الشعب الكردي".
وأمس الأول استُهدفت المؤسسة العسكرية التركية عبر انفجار دوى في وسط العاصمة أنقرة، وعلى مقربة من رئاسة الأركان وعدد من المواقع الحكومية في دلالة استفزازية على ما يبدو، والهجوم الذي اتهم فيه رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب صراحة، أسقط 28 قتيلا من عناصر الجيش التركي، بالرغم من عدم تبني العملية من قبل الحزب الكردي، لكن أنقرة أبرزت الأدلة على تورط "الكردستاني" في هذه العملية التي تراها تستهدف العلاقات التركية – الأميركية، وتلقي بظلالها على الحل السياسي للأزمة السورية.
قبيل عملية التفجير كانت تركيا قد أعلنت أن وحدات حماية الشعب المتمركزة شمال سورية في مرمى مدفعيتها وتحديداً مطار منغ العسكري، وتعتبر أنقرة أن تواجد وحدات حماية الشعب الكردية بقيادة صالح مسلم غرب نهر الفرات أمر محظور خشية أن يؤدي ذلك لبروز كيان كردي على غرار إقليم كردستان العراق، الذي جاء كمحصلة لفرض واشنطن منطقة حظر جوي شمال العراق في التسعينيات من القرن الماضي.
ومن هذا المنطلق ترى أنقرة أن إقامة منطقة آمنة بعمق 100 كيلو متر من جرابلس إلى أعزاز ستقطع الطريق على وحدات حماية الشعب الكردي، وستعزز من قدرة تركيا على حماية حدودها، وتقليص الحضور الكردي في تلك المنطقة، لكن واشنطن في ذات الوقت تريد كسب القوات الكردية إلى جانبها وهي التي تحارب "داعش"، والأكراد بالمجمل على المستوى السياسي والعسكري يحظون بتفضيل واشنطن التي تراهم أكثر تنظيماً في كل النواحي من العرب الذين تتعدد أهدافهم وألويتهم.
أمام ذلك ما عسى واشنطن أن تفعل إن هي خيّبت ظن أنقرة حليفتها وثاني أهم قوات حلف "الناتو"، خصوصاً وأن البيت الأبيض فتح خطاً ساخناً مع صالح مسلم الذي يعتبر إرهابياً في نظر تركيا؟
وفي خضم الحاصل يبدو أن هامش المناورة بالنسبة لواشنطن يضيق لصالح موسكو التي ترى أن الأكراد مكون رئيسي في أي محادثات سياسية حول مستقبل سورية، وقد يقود تأييد واشنطن أي إجراءات لتعزيز وتمكين الأكراد في محادثات السلام في سورية إلى أزمة بين تركيا وأميركا قد تنعكس سلباً على المحادثات المتعثرة في الأساس.
إن انعكاسات الانفجار على المشهد السوري لا محالة واردة، ولا شك أن استمرار استفزاز تركيا قد يدفعها إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة قد تسمح لموسكو باتخاذ خطوات لردع أنقرة، وهو ما ينذر بأزمة خطيرة إن لم تمارس واشنطن دورها وتكبح حزب العمال الكردستاني، وتحاول تسوية المطالب الكردية سياسياً بعيداً عن أي تدخل عسكري يبدو تجنبه صعباً أكثر من أي وقت مضى.