الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أهمية انعقاد مؤتمر أصدقاء سورية بالأردن اليوم!

أهمية انعقاد مؤتمر أصدقاء سورية بالأردن اليوم!

22.05.2013
عبدالله محمد القاق

 عبدالله محمد القاق
الدستور
الاربعاء 22/5/2013
ينعقد اجتماع المجموعة الأساسية لـ “أصدقاء سورية” في عمان اليوم وسط احداث دامية في سورية اسفرت عن أكثر من مائة الف قتيل وتهجير حوالي اربعة ملايين شخص اكثر من نصف مليون بالاردن وتدمير البُنى التحتية في سورية وهدم المنازل وخسارة قدرت بحوالي ثلاثمئة بليون دولار، وذلك في اطار الرغبة بايجاد حل للأزمة السورية توطئة للتحضير لاجتماع جنيف الثاني، التي اتفقت كل من روسيا والولايات المتحدة الاميركية على عقده خلال شهر تموز المقبل للتوصل الى حل نهائي وحازم وحاسم سلمياً للازمة السورية التي لم تجد في الافق حلا عسكريا لانهاء هذا الوضع المتردي والذي إذا ما استمر ستنطلق شظاياه للدول المجاورة!
هذا الاجتماع الهام الذي يضم كلا من وزراء خارجية الاردن والسعودية والامارات وقطر ومصر والولايات المتحد الاميركية وبريطانيا وفرنسا وتركيا والمانيا وايطاليا وتغييب عنه المعارضة سيبحث ايضاً التطورات الراهنة في سورية في ضوء اجتياح النظام السوري لجزء كبير من مدينة القصير الاستراتيجية ودعوة قطر لحضور اجتماع عاجل للجامعة العربية لبحث زيادة المساعدات اللازمة للمعارضة السورية والتي اخذت تندحر في القصير وغيرها من المدن السورية ملحقة تلك المواجهات العسكرية قتلى ودمارا او تشريدا شاملا في مختلف الجبهات والمحافظات!
لقد تم بحث هذا الوضع المتدهور في سورية في اكثر من اجتماع وكان آخرها في اذار في مدينة استانبول التركية حيث اعلن جون كيري وزير الخارجية الاميركية في ختام المؤتمر ان بلاده ستزيد مساعداتها “غير القتالية” الى المعارضة السورية في حين اعلن وزير الخارجية البريطانية ان الاتحاد الاوروبي سيناقش تخفيف حظر السلاح عن المعارضة السورية.
ولعل اهمية هذا الاجتماع تكمن لخطورة الازمة السورية، واحتضان الاردن لاكثر من نصف مليون لاجئ سوري وتقصير الدول الكبرى في دعم الاردن لهؤلاء اللاجئين الذين يتضاعف وصولهم يوما بعد يوم فضلا عن ان هذا الاجتماع جاء بعد اعتراف نحو (114) دولة بالائتلاف الوطني المعارض كممثل شرعي للشعب سواء في مؤتمر اصدقاء سورية في مراكش في كانون الاول الماضي او في الجمعية العامة للامم المتحدة، الامر الذي يضفي على هذا اللقاء اهمية كبيرة نظراً لكون الاردن يتحمل الكثير من الاعباء التي يقدمها للاخوة السوريين، في حين ان المراقبين يرون ان هناك تقصيراً من المجتمع الدولي لدعم سياسة الاردن في توفير كل الخدمات والمساعدات لهؤلاء الاخوة الذين شردوا من ديارهم في ظروف استثنائية وقاسية.
والواقع ان هذا اللقاء يتسم بحساسية كبيرة خاصة وان الاردن يسعى كما قال جلالة الملك بحل الازمة بالحوار وبالتفاهم فضلا عن ان تجمع القوى القومية في الاردن، واكد من ناحيته ان العلاقة مع الشقيقة سورية هي علاقة “اخوة وتاريخ وجغرافيا ودين ومصالح وأمان ولدينا عدو مشرك” الامر الذي يدعو الاردن الى الوقوف الى جانب سورية الوطنية مهما كان الثمن.
هذا المؤتمر اصبحت اهدافه ونواياه واسعة وهو تقديم مزيد من الدعم للجهود الرامية لحل الازمة السورية، بشتى الوسائل، وحقن الدماء بين الاخوة والحؤول دون اي تدخل خارجي، خاصة وان الرئيس السوري بشار الاسد اعلن في تصريح له لصحيفة كلارين ووكالة تيلام الارجنتينيتين ان اسرائيل تدعم الاحداث في سورية، وتوجههم وتعطيهم المخطط العام لتحركاتهم وفق مصالحها ولا تريد الحل السياسي في سورية بل وانها تدعم الارهاب!!.
ويرى وزير الخارجية ناصر جودة الذي شارك مؤخراً في اجتماعات اصدقاء سورية ان اتفاق موسكو وواشنطن حول سورية هو بمثابة نقطة تحول لانه تم الاتفاق على حل سياسي للقضية السورية يبدأ من اتفاق جنيف واحد، وان روسيا ستعمل على اقناع الرئيس بشار الاسد والحكومة السورية بتشكيل وفد لجنيف والولايات المتحدة واوروبا والدول العربية بدأوا بحث المعارضة على التوحد، وان يكون لهم موقف موحد ومشترك وتشكيل وفد لمؤتمر جنيف، لان مثل هذا اللقاء سيسهم في تجسيد الحل السياسي وهو دعم مسار الحل السياسي المنشود وتجنب الضربة العسكرية!!
ولعل استعداد الاردن بأن تبقى حدوده مفتوحة، هو دليل واضح على الاخوة القائمة بين الشعبين السوري والاردني وتقديم كل المساعدات للاجئين السوريين بالرغم من ان المساعدات العربية والدولية غير كافية بسبب تدفق اللاجئين السوريين المتواصل، لا سيما وان افضل ما يقوم به الاردن حاليا هو ادخال المساعدات الانسانية والطبية الى جنوب سورية عبر الامم المتحد والتركيز على انشاء المخيمات للاجئين السوريين ورفضه اقامة منطقة عازلة في سورية لانها ستزيد من الاشكالات القائمة حالياً، وذلك بسبب رفض سورية والصين وايران ذلك!
فالاوضاع الراهنة في سورية والتي تزداد حدتها يوما بعد يوم، باتت تهدد امن واستقرار المنطقة ابرزها التوترات والازمات المرتبطة بها سورية، والتي لم تضع هذه الازمة بين النظام والمعارضة المطالبة بالتغيير اوزارها بعد، فيما تفرض المستجدات القائمة حاليا على المجتمع الدولي التحرك على مختلف الصعد، نحو وأد الفتن والبحث مع شركاء الاقليم عن مخارج رئيسة للازمات المتفاقمة، بما يحفظ امن و استقرار المنطقة ويحقق تطلعات وطموحات شعوبها في العيش الكريم!
ولا شك ان زيارة الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء الى تركيا هدفت الى بحث الاوضاع السورية نظراً لما يملك الاردن وتركيا من دور اقليمي هام ومحوري، يساعدهما بالتعاون مع الدول الاخرى لبحث هذه الازمة وصولا لانهاء تداعياتها الخطيرة في ضوء التهديدات الاسرائيلية للمنطقة!
هذا وقد تزامنت زيارة الرئيس النسور الى استانبول في الاسبوع الماضي مع تصريحات اطلقها الرئيس خشية تداعياتها مشدداً على ان امن الخليج بل والمنطقة هو جزء من امن تركيا، واستقرار المنطقة يضمن استقرار العالم، وهذا يدل على مدى التقارب بين تركيا والاردن ودول المنطقة في هذه المرحلة خاصة وان تركيا التي تستقبل اعداداً كبيرة من النازحين السوريين تؤيد العملية السلمية في الشرق الاوسط وحل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي على اساس قرارات الامم المتحدة ومبدأ الارض مقابل السلام واقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة جنباً الى جنب مع اسرائيل، وتؤيد مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الشرق الاوسط والتي تبنتها الجامعة العربية في بيروت عام 2002 بالاجماع!
ولعل المحادثات التي اجراها المسؤولون الاردنيون مع وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي حول الازمة السورية وتداعياتها وانعكاساتها السلبية على المنطقة سيكون موضع بحث ومناقشة واهتمام المؤتمرين، خاصة وان ايران تعتبر لاعبا رئيسا في الأزمة وترى من خلال تصريحاته في الاردن بانه يجب ان تحل “بشكل سلمي وبشكل سوري – سوري” على حد قوله مؤكداً ان طهران تؤمن بوحدة الاراضي السورية وبوحدة الشعب السوري رافضا اي تدخل اجنبي في المشكلة السورية!
والواقع ان الاردن سيرمي بثقله في اجتماع اليوم بضرورة ايجاد مخرج سياسي للازمة السورية، وضرورة دعم جهود الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة بالازمة السورية بغية التوصل لحل يوقف دوامة العنف وسفك الدماء “ويحافظ كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني على وحدة سورية وتماسك شعبها” محذرا جلالته من تداعيات الازمة على امن المنطقة ومستقبل شعوبها!
نأمل ان يكون هذا المؤتمر فاعلا لجهة انهاء هذه الازمة المتفاقمة ويمهد لمؤتمر جنيف الثاني بايجاد الحل السياسي وفق الاسس الرئيسة الرامية الى وحدة سورية وانهاء الخلافات عبر الحوارات الفاعلة والجادة وزيادة المساعدات للاجئين السوريين بالاردن واستبعاد اي تدخل خارجي في سوريا على غرار الوضع الليبي لأنه لا تتوفر لهذا التدخل شروط النجاح بسبب عدم وجود التوافق الدولي في لعبة التغيير في سورية نتيجة المواقف لكل من روسيا والصين وايران، كما وان الولايات المتحدة نفسها غير مستعدة للتدخل خارج اطار الشرعية الدولية وغير مستعدة ايضا لكي تتحمل تكلفة سياسية واقتصادية خشية التورط في صراعات جديدة لم تهدأ بعد اشكالاتها من التدخل في كل من العراق وافغانستان فضلا عن ان الولايات المتحدة تؤمن بأهمية التغيير في سوريا شريطة الا يكون على حساب اي تهديد على اسرائيل وقد كان هذا واضحا في تصريح لوزير الدفاع الاسرائيلي السابق باراك الذي طلب من الحكومة الاميركية تخفيف الضغط على النظام السوري في المرحلة الحالية!!
اجتماع وزراء خارجية اصدقاء سورية في عمان اليوم يعلق عليه الكثيرون آمالا كبيرة ونأمل ان يتوصل الى الحلول الرامية لايجاد الحل السلمي والسياسي الناجع لسورية لانهاء هذه الازمة وتداعياتها على دول المنطقة في هذه الظروف الراهنة والصعبة ايضا!!