الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما الجبان.. أم الذكي؟

أوباما الجبان.. أم الذكي؟

05.09.2013
يوسف الكويليت



الرياض
الاربعاء 4-9-2013
    ورّط الرئيس الأمريكي «جونسون» بلده في حرب مدمرة في فيتنام، ونتائجها كانت كارثية وسط أفراح للمعسكر الشرقي السوفياتي، والصين بانتصار عقيدتهما الشيوعية وخططهما العسكرية وسلاحهما، ثم بعد سقوط السوفيات تجرأ الرئيس «بوش» الأب على خوض حرب تحرير الكويت فأعطته، امتياز القائد والدولة العظمى، وإعلان سيادة أمريكا على العالم في سد جميع الفراغات الأمنية بما فيها اختيار الضربة لأي دولة أو نظام يخرج عن طاعتها، وهذا الغرور بالقوة دفع «بوش» الابن لأن يحارب بزمن متقارب أفغانستان مقبرة الغزاة منذ الاسكندر الأكبر وحتى آخر حروبها الراهنة، وقد كانت المغامر مكلفة مادياً حين تصاعدت أرقام الخسائر إلى (الترليونات) من الدولارات وآلاف من الضحايا، وإعلان عام عالمي على كره أمريكا وسياستها، وكذلك الحرب على العراق التي كانت شركاً وقعت فيه القوة العظمى..
أوباما لا يستطيع الادعاء أنه رسول سلام لعصور ما بعد الحروب، إذ جرب خوض حرب محدودة في ليبيا، وفي صلب سياسته التي أعلن عنها قبل اختياره رئيساً أنه ضد أي مغامرات عسكرية يخوضها بلده، لكن مسؤوليات دولة عظمى قد لا تكون صاحبة الخيار في شن هذه الحروب إذا ما تطورت الأحداث لضرورة تدخلها تحت ضغط داخلي أو إقليمي وعالمي، وقد جاءت سورية لتكون المشكل الجديد لامتحان قدرة رئيس، وقوة دولة عظمى، وهي مسألة لابد من مراعاة جميع الظروف المحيطة بالرئيس وبلده، ولذلك فُسر تردد أوباماً بأنه عجز وغباء سياسي وجبن، وهي صفات يمكن قبولها تحت أي ذريعة لكن بحسابات اليوم فالظرف مختلف، أي أن اتخاذ قرار كهذا يمكن لصلاحيات الرئيس أن تعطيه هذا الحق وفق القوانين الأمريكية، لكن اقتناعه يأتي لأسباب مختلفة.
فهو وضع ميزاناً دقيقاً لرد الفعل الداخلي في حال ما كانت الضربة مؤثرة، أو اضطر لتجاوزها، لتدخل مباشر واحتلال سورية أسوة بما جرى في العراق، وهنا يعني دخوله الأنفاق المظلمة، وبالتالي فاشتراك الكونجرس وتحميله المسؤولية، بالاتفاق على خوض هذه المعركة أو الامتناع عنها ينقذه من ورطة من سبقوه، لكن هناك من يقيس التردد على سمعة أمريكا كقوة منفردة يخشاها العالم، وكيف ستؤثر سياسياً وعسكرياً في مجريات الأحداث، وهل روسيا والصين وإيران هم من حقق المكاسب؟
ثم كيف سيكون عليه الوضع الداخلي السوري إذا ما شعر الأسد أنه مطلق الصلاحية في استخدام ما يريد من أسلحة تقليدية أو كيماوية دون مخاوف من أي عقاب، وأن الحلول السياسية لم تعد قابلة للتفاوض إلاّ بشروطه وحده؟
هذه الأفكار مطروحة بين الأسود والحمائم في الكونجرس الأمريكي ومتخذي القرار، وستكون الأغلبية للتصويت الذي يرجح أي إجراء يتخذ، وهنا سيخرج أوباما من الملامة إلى السند القانوني والديمقراطي، وأن صلاحياته لا يمكن تجاوزها بوجود ممثلين عن كل الأمريكيين، والسبب قد لا يعود لتصويت البرلمان البريطاني ضد المشاركة، بينما في فرنسا هناك صلاحيات للرئيس بحق استخدام القوة دون الرجوع للبرلمان، وهذا ما يفتح الباب، إذا ما تم الاتفاق على الضربة لمحور أمريكي - فرنسي جديد، لكن ماذا عن بقية دول أوروبا الأعضاء في حلف الأطلسي حين اختفت ألمانيا وهي القوة الأساسية في أوروبا وكذلك أسبانيا وإيطاليا، وتنفرد تركيا فقط في تأييد التدخل والمشاركة فيه؟
تقديراتنا العربية وحتى الدولية تختلف عن أمريكا وحلفائها، فهي تملك جميع الأسباب القانونية والقدرات العسكرية بتوجيه الضربة لكن يبقى الأهم ما بعدها، وهو الذي تجري عليه حسابات الخسائر والمكاسب والتقويم التام لجميع الاحتمالات الأخرى..