الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما المحارب المتردّد في "الويك أند"

أوباما المحارب المتردّد في "الويك أند"

31.08.2013
هشام ملحم



النهار
الخميس 29/8/2013
منذ بداية الازمة السورية والرئيس الاميركي باراك أوباما يحاول تفادي التدخل العسكري فيها. هذا الموقف يعكس اقتناعاته السياسية والاخلاقية بضرورة انهاء الحربين المكلفتين اللتين ورثهما في العراق وافغانستان، وعدم التورط في اي نزاع آخر في العالمين العربي والاسلامي. وحتى بعدما طالب الرئيس بشار الاسد بالتنحي في آب 2011، وحتى بعد تحذيره الاسد في حينه من استخدام الاسلحة الكيميائية لانه بذلك سيجتاز "خطاً احمر"، واصل اوباما معارضة توصيات مستشاريه بتسليح المعارضة السورية. وعندما أكدت الاستخبارات الاميركية في نيسان الماضي ان النظام السوري استخدم الاسلحة الكيميائية ولكن على نطاق محدود، اضطر اوباما الى اتخاذ موقف "عقابي" تمثل في تنظيم أحد مستشاريه لقاء هاتفياً مع الصحافيين اعلن فيه ان واشنطن ستزود المعارضة باسلحة خفيفة. وتقول المعارضة حتى الآن انها لم تتسلم ولو "رصاصة واحدة" من اميركا.
 
هذا هو اوباما المحارب المتردد. لكن هذه المعادلة تغيرت عندما قصف النظام السوري الغوطتين باسلحة كيميائية وتسبب بقتل المئات من المدنيين بينهم عدد كبير من الاطفال والنساء. والآن يجد اوباما نفسه امام مواجهة عسكرية محدودة مع نظام الاسد. اوباما المحارب المتردد قد يتحول بين لحظة واخرى اوباما المحارب في "الويك أند"، ذلك أن من المتوقع ان يصدر اوامره باطلاق صواريخ "كروز" من مدمرات وغواصات اميركية منتشرة قبالة الساحل السوري مع قوات حليفة في عملية محدودة الاهداف ولا تستمر أكثر من يومين او ثلاثة.
واوضح المسؤولون ان الهدف هو توجيه ضربة عقابية وردعية الى الاسد، ولكن حتماً ليس اطاحته او تغيير نظامه. لا بل ان البيت الابيض شدد على ابقاء مسافة بين الضربة العقابية رداً على استخدام السلاح الكيميائي، والصراع الدائر على ارض سوريا لتقرير مصيرها. وحتى عندما يلوح المسؤولون بالعصا العسكرية، يؤكدون تمسكهم بـ"العملية السياسية" وضرورة عقد مؤتمر جنيف -2.
المشكلة هي ان القصف الصاروخي هو وسيلة وليس استراتيجية. وأي عمل عقابي محدود ورمزي، او حتى لو كان العقاب مؤلماً واستطاع الاسد ونظامه استيعابه، ستكون له عواقب وخيمة وعكسية على الولايات المتحدة، والأهم ربما على حلفائها الاقليميين والقوى السورية المعارضة التي تقول واشنطن انها تريد مساعدتها. الضربة المحدودة (التي ستليها دعوات الى احياء "العملية السلمية") سوف تبرز ضعف الولايات المتحدة وترددها وانحسار نفوذها في المنطقة. الضربة المحدودة ستشجع ايران على الاستمرار في برنامجها النووي، وتعزز نفوذ الاصوليين الاسلاميين في المعارضة الذين سيقولون للمعارضة المقربة من واشنطن انها خذلتهم. الضربة المحدودة والرمزية سوف تكون أسوأ من عدم القيام بشيء.