الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما المزدوج!

أوباما المزدوج!

28.08.2014
علي نون



المستقبل
الاربعاء 27-8-2014
لا يخفي كثيرون توجّسهم الدائم من سياسة باراك أوباما السورية، خصوصا بعد أن أُعلن في واشنطن، أنه لا يزال في مرحلة "استكشاف الوضع" ولم يصل بعد الى مرحلة إصدار القرار بالتدخل العسكري مثلما يفعل في العراق.
سياسة أوباما هذه كانت مفهومة قبل "داعش" وان كانت غير مقبولة. بحيث ان قرار الانكفاء الى الداخل كان جزءاً محورياً من حملته الانتخابية الرئاسية، ثم زاد عليها تبلور مشهد في سوريا، ما كان ممكناً تخيّله ولو في الأحلام: ساحة يتقاتل عليها (قبل تبلور التذابح!) كل "أعداء" اميركا، فلماذا التدخل لوقف ذلك؟ وما هي المصلحة في ذلك؟ واين المخاطر الاستراتيجية التي تطال ثوابت احكام الاستنفار والنزال التي يسببها ذلك الخراب والتي تتعلق اساساً بأمن اسرائيل وسلامة حقول وخطوط نقل الطاقة؟ فلماذا اذن ولأجل ماذا يمكن له أن يتدخل، أو أن يأمر ولو بالتلويح، مجرّد التلويح، بعمل عسكري، مُساعد لإنهاء فظاعات الاسد وما تبقى من سلطته؟! ضّرَب بالكيماوي؟ بسيطة. المهم تشليحه ذلك السلاح. والباقي تفاصيل! وهذا ما تم ولا يزال يتم، ومن دون خسارة جندي واحد من "المارينز"!
في الميزان السياسي الذي يعتمده مستر أوباما لقياس خطواته، ليس هناك شيء من العدّة الفكرية لسلفه جورج بوش. ولا شعارات خلاصية خلابة. ولا طغيان لهموم رسالية مثل سالفة نشر الديموقراطية.. وفي الميزان الاخلاقي الموازي، لا شيء يستأهل دقّ النفير طالما ان الخلاصة العامة تفيد أن عرباً ومسلمين يقتلون عرباً ومسلمين!
.. ذلك كان قبل "داعش" وطلاسمه، لكن كيف يمكن له أن يسري بعده؟
التوجّس هنا رديف الاستغراب، باعتبار ان أوباما نفسه خاف على بلاده ومصالحها جرّاء ما حصل في العراق، واعتبر ان القتل المخزي والمشين للصحافي فولي هو اعتداء على الولايات المتحدة، وصَارَ الاستنتاج بأن الحرب على الارهاب التكفيري لا يمكن ان تُجزّأ، محور تفكير كثيرين من الادارة الاميركية بمن فيهم شخص مثل الجنرال ديمبسي رئيس اركان الجيوش الاميركية المعروف بمعارضته التامة لأي تدخل في سوريا.
.. ومع ذلك يُقال ان مستر اوباما لا يزال في مرحلة "الاستكشاف" بما يتعلق بتوسيع المعركة الى سوريا، وجديده القديم هو استمرار دعم المعارضة المعتدلة!! ورفض اي تنسيق مع سلطة الاسد. أي بمعنى آخر: دفع نحو الحسم الايجابي في العراق. و"دفع" نحو استكمال المذبحة في سوريا! وكأنه في مكان ما يقول ان آخر وظائف سلطة الاسد بتدمير سوريا تماماً لم تُستكمل بعد! وان الاستثمار الخبيث في الدم السوري لم يؤتِ كل أكله بعد! وبالتالي فإن المعركة لا تزال طويلة.
هذا ما يريده أوباما، وهذا ما تريده اسرائيل. لكن "المصيبة" اللاحقة بهما هذه المرة، أنه في مقابل أوباما المزدوج في السياسة هناك "داعش" المزدوج في خطوط الانتشار في العراق وسوريا.. فلننتظر!