الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما كيميائي مثل الاسد؟!

أوباما كيميائي مثل الاسد؟!

11.09.2013
راجح الخوري



النهار
10/9//2013
هل وقع باراك اوباما في الفخ عندما اندفع واعلن قراره توجيه ضربة الى سوريا، ثم انكفأ متذرعاً بانه يريد الحصول على موافقة الكونغرس مع انه كان في وسعه القيام بها قبل هذا الإجراء؟
وهل ان كلام جون كيري المفاجئ في باريس عن إمكان الذهاب الى مجلس الامن المقفل بالفيتو، ثم دعوته الاسد الى تسليم سلاحه الكيميائي ليتلافى الضربة، يمثلان محاولة استباقية لتوفير قليل من الماء لوجه اوباما، الذي سيخرج متيبساً ومهاناً اذا فشل في اقناع الكونغرس بالموافقة على الضربة، لتنتصر ديكتاتورية الكيميائي في سوريا وتهزم طواحين هواء الديموقراطية في اميركا والغرب؟
سيكون الأمر مهزلة آثمة في عالم تحكمه "العلاقات الوحشية بين الامم"، على ما قال المؤرخ اليوناني هيرودوث قبل 25 قرناً، ذلك ان اوباما الذي ينخرط مع ادارته في حربين، واحدة ديبلوماسية خارجية لتأمين تحالف دولي يؤيد الضربة، وثانية سياسية داخلية لتأمين موافقة الكونغرس والشعب الاميركي عليها، قد يواجه الفشل، بما يعني عملياً هزيمة البروتوكول الدولي المعقود عام 1925 والذي يحرّم استخدام هذه الاسلحة، وانتصار الذين يذبحون الشعوب بالكيميائي وبغيره، ولست ادري ما الفرق إن مات الانسان بالكيميائي يخنقه أو بالبراميل المتفجرة تمزقه!
من سان بطرسبرج الى باريس حيث اكتشفنا براعة جون كيري بالفرنسية، يجري حشد تحالف دولي وراء قرار الضربة، ومن لجنة الشؤون الخارجية الى الكونغرس تتزايد المخاوف والعراقيل التي تواجه القرار في بلد يميل الى الاستقالة من الحروب، لكنها "حرب ارادات وقرارات"، ولهذا عندما قدّم اوباما استعراضه السياسي المتلاحق امس على ست محطات تلفزيونية، قبل ان يقف اليوم امام الكونغرس، الذي من المرجح انه سيعانده ولن يوافق على الضربة، بدا ما هو اهم بكثير من الانهيار الاقليمي الذي سينجم عن السقوط الحتمي للنظام السوري نتيجة الضربة إن وقعت، وأقصد هنا الانهيار الدولي لمنظومة القرارات والقيم المتعلقة بالاسلحة المحرمة وحروب الإبادة، بما يعني غياب الحد الادنى من هيبة الردع الدولي، وسقوط قوة الديموقراطيات الغربية امام ديكتاتوريات الكيميائي، فمن الواضح الآن ان مذبحة الكيميائي في الغوطتين هي خط الدفاع الاخير عن العواصم الغربية والشرقية في وجه تهديد القتلة بالكيمياء او حتى بالسياسة!
لن أعود الآن الى كل عنتريات اوباما وادارته المضحكة في الاسبوعين الماضيين، لكنني لا اتردد في القول انه اذا كان الاسد يقول "ليس هناك من دليل على استعمالي الكيميائي"، فستتوافر في اليومين المقبلين كل الادلة على انه: إما ان يكون باراك اوباما رسّخ فعلاً منع استخدام هذه الاسلحة، او انه وكونغرسه سيكونان فعلاً اسوأ من الاسد لأنهما شجّعا الديكتاتوريين على استخدامها!