الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما.. والأسد... ودي ميستورا؟!

أوباما.. والأسد... ودي ميستورا؟!

09.12.2014
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاثنين 8-12-2014
في الوقت الذي يحرز فيه ثوار سورية انتصارات مهمة على الأرض السورية خصوصا في محافظة حلب شمالا ومحافظة درعا الحدودية جنوبا وبعض المناطق الأخرى الأساسية كالقلمون مثلا. حيث تمددوا في منطقة الشيخ نجار بحلب ومازالوا يشتبكون مع جنود اللانظام إضافة إلى تحرير "حندرات" والتقدم حول "نبل والزهراء" في ريف حلب. وما أنجزوه من ضربات مؤثرة ومعبرة في درعا البلد ودرعا المحطة والقرى المجاورة بحيث عجز اللانظام عن المواجهة الحقيقية وخسر كثيرا. وما قاموا به في القلمون بتحطيم العديد من الحواجز التي نصبها ما يسمى حزب الله ضد الثوار وتم قتل العديد من قيادات وعناصر الحزب هناك. وفي هذا الوقت نفسه الذي شغل بال أوباما ليل نهار حول ما يجري في العراق رغم التركيز الأساسي عليه. وما حدث في ديالى من هجمات طائفية للشيعة من الحشد الشعبي ضد المدنيين وحرق المساجد والمشافي في المدينة وقتل الشباب والشيوخ وخطف النساء.. وفي الأوقات المتكررة التي أصبح أوباما يشعر شعورا حقيقيا بأنه غافل وغير مبال بالقضية السورية وحل عقدتها لاسيما بعد الانتقادات التي وجهت إليه من وزير دفاعه المستقيل والمراقبين والمتابعين للحدث السوري وكيف فشل الرئيس أخلاقيا وسياسيا في إدارة هذا الملف. بل أصبح أقرب المقربين يصرحون بذلك ومنهم كيري حيث إن الهجوم على داعش في سورية يصب في مصلحة الأسد لأن داعش انشغل بالتحالف وحربه وبقي الأسد حرا طليقا يقتل من المدنيين السوريين من يشاء بهجماته وهجمات التحالف التي يعتقد أن بينهما تنسيقا - أي دون أن تصطدم واحدة بالأخرى - أي جعل الوقت المناسب لكل منهما لتحقيق الغرض في الحرب وهو تقوية اللانظام والسماح له بالتمدد أكثر فأكثر وهذه هي وحدها الحقيقة المبتغاة أي إخماد الثورة السورية شيئا فشيئا منذ إدخال داعش ومليشيا ما يسمى حزب الله والمليشيات العراقية الشيعية ومليشيات إيران من الحرس الثوري ومقتل العديد من قياداتهم وجنودهم وكذلك مؤخرا المليشيات الأفغانية الشيعية. ولعل الأقرب إلى مربط الفرس هو التواصل العضوي مع الكيان الصهيوني ونظر أوباما إلى إرضاء إسرائيل بأن تبقى سورية بعيدة عن الصراع معها فهي وحدها تحفظ أمنها كما هي في عهدي الأب والابن أما إذا جاء البديل إسلاميا أو وطنيا مستقلا أو علمانيا فلن تقبل بذلك لأن مثل هؤلاء قد أحيوا في قلوبهم حب فلسطين وبالتالي فستبقى رهينة لأي مصدر يزعجها وأمريكا والمجتمع الدولي لا يريدان ذلك وقد قاما بجميع الألاعيب المضحكة المبكية على قيادات الائتلاف ومن قبله المجلس الوطني وحتى على المعارضة الميدانية المسلحة بسبب السيطرة على مصادر التمويل من الدول الإقليمية التي سمحت بالعون حسب الأوامر بالقطارة فقط. والآن فإن كل ما يجري إنما هو لوأد الثورة ولذا ضغط على الأردن حتى يعيد مئات الجرحى إلى سورية وقد فعل والأكثرون منهم اليوم معتقلون في بلادهم وكذلك ما يجري لتجفيف المنابع المادية بل والمعنوية في كل مكان بحجة الحرب على الإرهاب.. ونحن إن ذكرنا هذا الشيء فإنما يذكرنا بما وصل إليه الثوار في البوسنة والهرسك ثم جاءت اتفاقية "دايتون" بين الصرب والكروات والمسلمين لحكم البوسنة هذا من وجه ظاهري. لكن الوجه الأعمق هو إرادة سيطرة الأسد وتأهيله مرة ثالثة ليدوم على حكم البلاد لأنه خير من وجدوه حافظا لحدودهم ومصالحهم ودعك من الشعارات والمقاومة والممانعة! لقد جاءت النداءات العاجلة اليوم لمبعوث الأمم المتحدة الجديد "ستيفان دي ميستورا لإحياء مبادرته من جديد مع اللانظام الذي وافق عليها لأنها تصب من حيث النهاية في مصلحته وتمدده أكثر فأكثر على الأرض ومباغتته الثوار من جديد فهذا اللانظام لا يعرف عهدا ولا عقدا ولا ذمة. ولعل من عرف ما جرى في مؤتمر جنيف 2 يعرف هذا جيدا. والذي يؤكد أنه إنما يجري بمباركة إسرائيلية أمريكية روسية إيرانية وبلا شك، سيما أن جميع المعطيات تؤيد ذلك. ولعل من المعروف أن الأمم المتحدة لم تحرز أي نقطة إيجابية في صالح الثورة مما دعا المسؤولين السابقين وأهمهم كوفي عنان والإبراهيمي إلى الاستقالة. بل استقال السفير الأمريكي السابق في دمشق (روبرت فورد) معللا: (استقلت لأنني لم أعد أستطيع الدفاع عن موقف الإدارة الأمريكية لا أخلاقيا ولا سياسيا وأنا أرى الآلاف يسقطون قتلى وتتمدد المشكلة السورية إقليميا أكبر وأكبر.....) إنه لم يعرف عن أوباما أي ممارسة للسياسة الخارجية قبل رئاسته لذا لم ينجح فعين هيلاري كلينتون التي رفضت عدم تسليح المعارضة نوعيا وكذلك موقف كيري بعدها لكن أوباما لم يستجب لكليهما ومازال يصر أن الموقف في سورية معقد للغاية – أي بسبب وجود روسيا وإيران. – ومع أنه اعتبر أن السلاح الكيماوي خط أحمر وتبين له استعماله في الغوطتين وحلب وغيرها إلا أنه بقي جامدا فإذا جاءنا اليوم دي ميستورا ليخضع الشعب السوري والثوار أكثر كما حدث في حمص حيث إن بعض الثوار الذين أُعطوا الأمان هم معتقلون اليوم وبعضهم استشهد وإن خطة دي ميستورا للبدء بتجميد القتال وأوله في حلب لأنها عاصمة اقتصادية كبيرة وكما قال الإيرانيون عبر صحيفة "كيهان" أسقط حلب تسقط دمشق! فإن المراد إعادة سورية للمستبدين من جديد والطائفيين الذين سمحوا بالتشيع في سورية على لسان الأسد وما ندري ما سيحدث بعد ذلك وإن الاسترسال في هذه المبادرة قتل من نوع جديد لجميع الجهود والأعصاب والدماء التي تغلي من أجل إنجاح الثورة ورحيل المفسدين. وإن التغاضي المستمر عن مجازر الأسد وبراميله المتفجرة ليدل دلالة لا تخطئها العين أن المجتمع الدولي معه وضد الثورة وإن الذين يرضون من بعض الفصائل المعارضة التي التقى ميستورا في "غازي عنتاب" في تركيا بها بحجة حقن الدماء لن يجدي شيئا مع مثل هؤلاء – وإنما الإستراتيجية البعيدة تقول: إن كلفة تغيير هذا اللانظام مهما بلغت فهي أقل كلفة من إبقائه لما ينتظر الشعب من سنين حالكات أشد من الليل الدامس مستقبلا لذا فإن ما قاله العميد الطيار المنشق أسعد الزعبي مسؤول القوات الجوية سابقا هو المعول عليه عندنا وهو أن اللانظام هو المستفيد الوحيد من مبادرة ميستورا الذي دلت قرائن كثيرة أنه يسير مع الجلاد لامع الضحية وإن غلّفها بفتح الممرات الإنسانية وتجميد القتال فلابد من شرائط مكتوبة تحفظ الثورة والثوار ويضمنها المجتمع الدولي وتبقى الأسلحة مع أصحابها.لأن إرهاب وتطرف داعش مثلا لن يساوي كثيرا إذا ما قورن بإرهاب وتطرف وإجرام الأسد وعصابته.