الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوباما و"الخطوط الحمراء" في سوريا

أوباما و"الخطوط الحمراء" في سوريا

28.08.2013
ويليام جي.دوبسون



الاتحاد
الثلاثاء 27/8/2013
استيقظ العالم الأربعاء الماضي على تقارير هجوم ضخم بالأسلحة الكيماوية في ضواحي العاصمة السورية دمشق. ووفق ناشطين سوريين، فإن مئات الأشخاص – بل ربما أكثر من ألف شخص- ماتوا جراء تعرضهم للغازات السامة وهم نيام. ولأن الهجوم وقع ليلاً على ما يفترض، فإن النساء والأطفال والرضع كانوا من بين القتلة أيضاً. والواقع أن جرائم الرئيس بشار الأسد ضد شعبه كانت وحشية منذ البداية، غير أنه إذا تبين أن هذه التقارير صحيحة، فإن الحادي والعشرين من أغسطس سيكون دون شك أسوأ يوم في أعمال القتل التي وقعت خلال العامين الماضيين في سوريا.

وهذا ليس بسبب عدد القتلى فقط، وإنما بسبب الطريقة التي ماتوا بها – طريقة قالت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ذات يوم إنهما لن يسمحا بها أبداً. فقبل عام ويوم بالضبط، قال أوباما لأول مرة إن استعمال الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه سيشكل «خطاً أحمر» بالنسبة للولايات المتحدة. ولم يقل أوباما ذلك مرة واحدة فقط، بل كرر وعيده للأسد أربع مرات أخرى خلال الأشهر التي أعقبت ذلك، وأكد بشكل واضح وصريح أن استعمال أسلحة كيماوية من شأنه أن «يغيِّر اللعبة» بالنسبة للولايات المتحدة.
وبالطبع، لم يتغير الكثير من اللعبة. فحتى بعد أن رأى حلفاء أميركا أدلة واضحة على هجمات بالأسلحة الكيماوية، كان البيت الأبيض في حاجة إلى المزيد منها. وبعد أن أعلنت إدارة أوباما أنها ستشرع في تسليح ثوار سوريا، لم يكن واضحاً ما الذي ستستتبعه تلك الأسلحة. ويمكن القول إنه رهان آمن ألا يشير أوباما أبداً إلى «خطوط حمراء» مرة أخرى، لأنه إذا فعل، فلا أحد سيعرف ما يعنيه.
والأكيد أن إدارة أوباما ليست مسؤولة عن منع هذه المجزرة في سوريا، فأوباما لا يستطيع السيطرة على ما يحدث في دمشق أو القاهرة، ومن غير العدل القول بخلاف ذلك. غير أنه يجب عليه بالمقابل أن يسيطر على السياسات التي يسنها والرسائل التي تبعث بها تلك السياسات. والحقيقة أن أوباما سيتعمد المماطلة وإضاعة الوقت بخصوص المشاكل التي لا يحب. ففي مصر، وبينما انشغلت واشنطن بتعريف ما جرى، تحركت بلدان الخليج لسد الفراغ. وفي سوريا، ترددت الإدارة وتلكأت بشأن تسليح الثوار لفترة 18 شهراً. وعندما حسمت أمرها أخيراً، قُتل «الثوار الأخيار». ومثلما اتضح اليوم جلياً، فإن ثمة ثمناً للمماطلة والتلكؤ في معالجة أزمة من أزمات السياسة الخارجية.
والواقع أننا سننتظر لنرى ما إنْ كان من الممكن التحقق من تقارير أحدث فظاعة سورية، وما إن كان يمكن أن يكون ثمة إحصاء دقيق لعدد من ماتوا في أسوأ استعمال للأسلحة الكيماوية منذ أن سمم صدام الأكراد عام 1988. وقد اعترف مسؤول من الاستخبارات الأميركية مؤخراً لمجلة «فورين بوليسي» بأنه «طالما أبقى (النظام السوري) على عدد القتلى في مستوى معين، فإننا لن نفعل أي شيء». ولذلك، فربما سيكون العدد النهائي للقتلى مهماً بالنسبة للبيت الأبيض - وإنْ كان العامان الماضيان يشيران إلى أنه لن يكون كذلك.
في الماضي، كنت أعتقدُ أنه على المدى الطويل، عندما تُكتب المذكرات وتُنشر محاضر اجتماعات البيت الأبيض، سيشكل الـ100 ألف شخص الذين قُتلوا في سوريا وصمة عار على جبين هذه الإدارة، ليس لأنها فشلت في منعها، وإنما لأنها لم تحاول. ولكنني كنت مخطئاً، لأن مئة ألف قتيل ليس سوى الحد الأدنى!
ويليام دوبسون
كاتب وصحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»