الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوروبا والمطلب السوري

أوروبا والمطلب السوري

17.09.2015
أماني محمد



الاتحاد
الاربعاء 16/9/2015
تبدو حادثة غرق الطفل السوري «إيلان» وكأنها الباب الذي فتح على مصراعيه للجوء السوريين إلى أوروبا. ففجأة لبست القارة لبوس الرحمة والإنسانية وكأنها لم تكن سبباً، مباشراً وغير مباشر، في تثبيت كرسي الأسد وفي حثه على قتل المزيد من مواطنيه والإيغال في دماء الشعب السوري.
لماذا تستقبل أوروبا كل هذه الأعداد، وكان الحل الأولى والأكثر سهولة وأماناً هو الدفع نحو تدخل فعلي يحمي السوريين من طائرات الأسد ويوفر لهم مجالًا آمناً من براميله المتفجرة ومن الموت جوعاً وخوفاً وذبحاً داخل المناطق الخاضعة لتنظيم «داعش» الإرهابي؟
لو كانت هناك منطقة عازلة آمنة، لما كان على كل هؤلاء أن يسعوا ويتعرضوا للإذلال في بقاع الدنيا، ولبقيت لهم كرامتهم واحتفظوا ببلادهم وظلوا فيها. لماذا وافقت أوروبا على تدمير بلد جميل مثل سوريا؟ لماذا لم تقف إنسانيتها ضد الأسلحة التقليدية وغير التقليدية التي يتم تجريبها كل يوم على أطفال سوريا؟
لماذا أصبح الصمت المطبق كأنه اللغة المفضلة لأوروبا كل هذه السنوات؟ نعم، هناك تواطؤ، وهناك الكثير من الخذلان دون أدنى مواربة.
ليس صحيحاً أن دول الخليج العربية تخلت عن واجبها تجاه السوريين، بل الصحيح أن هذه الدول قدمت أموالًا طائلة لأغاثة اللاجئين ولإيجاد حياة أكثر كرامة لهم، وكان الهدف الأول والأهم هو إرغام النظام على توفير منطقة عازلة تحمي الشعب وتجعله في مأمن من الخوف ومن التعرض للموت الذي يحيط به من كل اتجاه.
ليست المزايدات السياسية باستخدام الأرواح السورية إلا حالة استغلال وابتزاز، وكأن دول الخليج العربية هي السبب الأول في مصائب العالم!
السؤال الآن هو: لماذا يُترَك نظامٌ مثل النظام السوري الذي فعل بشعبه ما فعل، ليظل على كرسي الحكم حتى الآن من دون محاسبة ولا عقاب؟ لماذا لا يُقتلع كما اقتُلع غيره؟
لقد تُرك علي عبدالله صالح يخرج من الحكم حراً طليقاً، بل أُعطي الأمان وتم تمكينه من الاحتفاظ بمصالحه، لكنه غدر بشعبه أولاً وبأشقاء اليمن ثانياً.
هذا، وناهيك عن دور إيران المتغول في سوريا، والذي جعل من إحلال السلام والأمن مهمة شبه مستحيلة، حيث ربطت طهران مصالحها بمصير نظام الأسد، في مظهر آخر لهوسها بالنفوذ الإقليمي وبممارسته على دول العرب.
ليت أوروبا، وكما أظهرت موقفاً إنسانياً جميلاً حيال اللاجئين السوريين، تُظهِر لنا دورها السياسي الصارم باقتلاع الأسد وإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم.
كل هذه الرياح العاتية التي تحيط بالعالم العربي مصدرها واحد، وكأن على كل هذه الدول أن تدفع ضريبة أطماع دولة واحدة تبحث لها عن مكان بين الدول العظمى.
على الذين احتفوا بانفتاح أوروبا أمام هجرة السوريين من بلادهم، أن يرفعوا أصواتهم للمطالبة بإسقاط نظام لم يقدم لوطنه إلا القتل والدمار واضطهاد مواطنيه.. هوساً بالسلطة وبدوام البقاء فيها!