الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوكرانيا مقابل سوريا

أوكرانيا مقابل سوريا

25.02.2014
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
الاثنين 24/2/2014
تمكنت المعارضة الأوكرانية من حسم النزاع بسرعة مع الرئيس فيكتور ياكونوفيتش ودفعته إلى مغادرة القصر الرئاسي وإقالة وزير الداخلية واستقالة رئيس البرلمان وإلغاء قوانين الإرهاب وإصدار قوانين تمنع وزارة الداخلية من التدخل والعودة إلى دستور 2004، أي أنها تمكنت من تحقيق جميع مطالبها الأساسية بعد شهرين من محاصرة القصر الرئاسي.
هذا الانتصار "المؤقت" للمعارضة الأوكرانية لم يكن ليحصل لولا تحرك أوروبا السريع، واستنفار الجميع في أوروبا وأمريكا وروسيا ووضعهم في حالة تأهب قصوى لما يمكن أن يسببه انفلات الوضع هناك من إضرار.
الوضع في أوكرانيا في غاية التعقيد فهي مقسمة بين غرب كاثوليكي يميل لأوروبا وشرق أرثوذكسي يميل تقليدا لروسيا، مع أن 78 في المائة من السكان الذين يبلغ عددهم 46 مليون نسمة، ينتمون إلى أصل أوكراني مع وجود أقليات كبيرة من الروس والبيلاروس والرومانيين، ومن هنا فإن الصراع على أوكرانيا يمثل صراعا بين ثقافتين ودينين وتاريخ مليء بالدم والمجازر ومخزون كبير من الكراهية إضافة إلى المصالح التي تهم روسيا أكثر من دونها، فروسيا تعتبر أوكرانيا عمقها الاستراتيجي وبوابتها الرئيسية وهي تملك هناك الكثير من الضغط مثل الأقلية الروسية وأتباع الديانة الأرثوذكسية وأنابيب الغاز وكثير من الديون وأسطول البحر الأسود المتمركز في سيفاستوبول الأوكرانية، كما أنها تستطيع أن تثير مشكلة انفصال شبه جزيرة القرم، ولهذا فإن موسكو تعتبر أن ما يجري في أوكرانيا ليس أكثر من محاولة غربية لتقويض النفوذ الروسي هناك وإخراج كييف من تحت عباءتها.
هذا الوضع الخطير دفع وزراء خارجية أوروبا إلى السفر على جناح السرعة إلى كييف لمنع انفجار الوضع بشكل لا يمكن ضبطه، مما يضع أوكرانيا على رقعة الشطرنج الدولية على الرغم من نفي الرئيس الأمريكي باراك أوباما لذلك باستخدام عبارات صريحة بقوله"لا تعتبر أوكرانيا وسوريا بلدانًا على رقعة شطرنج الحرب الباردة"، لكن مجرد استدعاء سوريا إلى المشهد الأوكراني يعني أنهما فعلا على رقعة الشطرنج، مما قد يؤدي إلى تقسيم أوكرانيا أو تحويلها إلى دولة فيدرالية مكونة من شرق موالي لروسيا وغرب موالي لأوروبا، وهذا ما يمكن أن يسفر عنه تداعي أعضاء حزب الأقاليم الموالي لروسيا للاجتماع من أجل تشكيل "قوات مسلحة"، وهو ما دفع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتن والأمريكي باراك أوباما إلى إجراء اتصال هاتفي طويل، قالت الخارجية الأمريكية إنهما دعيا إلى سرعة تنفيذ الاتفاق بين الرئيس الأوكراني والمعارضة وعدم اللجوء إلى العنف ودعم الاقتصاد الأوكراني وإعادتها إلى سكة السلام.
هل تقايض موسكو وواشنطن كلا من أوكرانيا وسوريا بحيث يبتعد الغرب عن بوابة روسيا في حين يترك الروس سوريا لأمريكا والغرب؟ كل شيء ممكن، مع أن الوضع معقد جدا في سوريا، فروسيا ليست هي اللاعب الوحيد، أو الأقوى هناك، فقد أثبتت إيران أنها تملك أقوى أوراق اللعبة ولديها ما يكفي من عناصر حزب الله "حالش" والمليشيات العراقية الشيعية والحرس الثوري، يزيد عددهم على 40 ألف مقاتل، مما يعني أن الصفقة يجب أن تشمل "أوكرانيا – سوريا – إيران" وإعادة تقاسم مناطق النفوذ من جديد، ومنح إيران جزءا من الكعكة الروسية الأمريكية في سوريا والمنطقة، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه العرب جيدا، فأوكرانيا قد تتحول إلى قضية عربية بامتياز.