الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوكرانيا وسوريا.. الجهاد والمواجهة

أوكرانيا وسوريا.. الجهاد والمواجهة

04.03.2014
اليوم السعودية


الاثنين 3/3/2014
قاد الأوكرانيون منذ ثلاثة أشهر مواجهة سلمية مع الحكومة الأوكرانية، تحولت إلى صدامات ومواجهات مع قوى الأمن والشرطة، إثر تراجع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش عن توقيع اتفاق شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، وذلك لحساب التقارب مع روسيا.
الأزمة الأوكرانية، ليست وليدة هذه الساعة فقط، بل هي أحد أشكال الصراع والصدام بين واشنطن وموسكو، حيث ترغب واشنطن، وعبر سياسة القضم التدريجي، إضعاف النقاط الاستراتيجية لروسيا، فقد كانت جورجيا مثالا، اندفعت فيه موسكو بقوة لضبط التفاعلات على حدودها، وهي اليوم تتدخل بقوة في القرم، لحماية أمنها القومي الذي بدأ يتداعى، ما اضطر موسكو لمنح الرئيس بوتين غطاء مشروعا للحرب والتدخل العسكري.
ما العلاقة بين أوكرانيا وسوريا؟ هناك علاقات ووشائج متداخلة، فهناك وجود للمافيا الإيرانية وغسيل الأموال، وهناك محاولات للسيطرة على المسلمين في أوكرانيا من قبل إيران، وبضوء أخضر روسي، لكن المسلمين هناك يقتربون جدا من الدول العربية ومشيخة الأزهر على الخصوص، ولهذا هم ضد التطرف ولديهم مخاوف من أن تستغل موسكو وطهران ودمشق الظروف لإحداث فوضى في أوكرانيا وبما يخدم مسارات وتوجهات موسكو.
أما العلاقة الأخرى فقد حاولت الاستخبارات السورية، وعبر ارتباطات ببعض الفصائل الإسلامية المتطرفة، إرسال رسائل حول الجهاد في أوكرانيا، وهي نقطة بالغة الدقة والحساسية، حيث إن الجهاديين أنواع فمنهم من هو ضد الأسد والدول الداعمة له، وهم بالضرورة مع التغيير الذي شهدته أوكرانيا، وضد التدخل الروسي، ولهذا فإن ما صدر من دعوات جهادية داعمة لثوار أوكرانيا، هو محاولة للبلبلة وإثارة الهواجس الأمنية الأوروبية، وقد يشرف على ذلك الاستخبارات السورية والإيرانية، في محاولة للتخلص من الحهاديين المناصرين للثورة والتغيير في سوريا، ولإخلاء الساحة السورية لداعش وحزب الله وبعض التنظيمات والفصائل المدعومة من إيران.
ويرى البعض أن الرئاسة الروسية قد جانبها الصواب وطالها الغرور في الموضوع السوري، ولم تجد بعض القوى الغربية بدا من تحقيق انفجار في الخاصرة الاستراتيجية لروسيا، وقلب المعادلة، وإعادة ترتيب الأولويات الروسية، ولهذا فإن دعوة الغرب للحفاظ على السيادة الأوكرانية مبكرا، ما هو إلا إدراك استباقي واحتمالي لدفع موسكو القرم للمطالبة بالانفصال.
يشعر الرئيس الروسي بوتين بمرارة كبيرة اليوم، فالانفجار على الحدود وليس بعيدا كسوريا، ويمكن للأزمة الأوكرانية أن يطول مداها كثيرا وربما تشكل استنزافا لموسكو في ظل دعم غربي أوروبي لأوكرانيا، وهناك صراعات مبطنة غير مرئية مثل دور الموساد الإسرائيلي واللوبي اليهودي في أوكرانيا. ترى هل يدفع الرئيس الروسي ثمن تعنته في فرض تسوية وحلول سياسية في سوريا تحترم إرادة ورغبة الشعب السوري؟، وهل تدفع موسكو الثمن وهي على بوابة استقبال الأولمبياد؟، وهل تحدث صدمة أوكرانيا تداعيات داخل المؤسسة السياسية والأمنية والعسكرية الروسية؟ كل ذلك متوقع ومحتمل وقد يكون قريبا أيضا.