الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوكرانيا وسورية معا؟

أوكرانيا وسورية معا؟

04.03.2014
فهد الخيطان


الغد الاردنية
الاثنين 3/3/2014
المستوى الذي بلغته الأزمة الأوكرانية بعد تفويض الجيش الروسي باستخدام القوة هناك، كفيل بصرف أنظار العالم وقواه الدولية عن أزمات أخرى، وتوجيه الدبلوماسية لكل طاقتها نحو أوكرانيا. أما في حال استخدم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التفويض الممنوح للجيش، فإن التوتر بين روسيا والغرب سيبلغ مرحلة غير مسبوقة منذ أيام الحرب الباردة.
فور ما بدأت الأزمة الأوكرانية بالتصاعد في الأسبوعين الأخيرين، حضر السؤال عن مصير الجهود الدبلوماسية الأميركية فيما يخص الملفين السوري والفلسطيني. وعلى نحو فضولي، تساءل البعض: هل نرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في المنطقة من جديد، يتابع مهمته المملة مع الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما القوات الروسية تجتاح أوكرانيا؟ وهل له، ولغيره من الدبلوماسيين، ما يكفي من الوقت لمتابعة اللقاءات الماراثونية لوفدي النظام والمعارضة السوريين في جنيف؟
في ذروة الأزمة التي نشهدها حاليا، ما من شيء على أجندة الدبلوماسية الأميركية والغربية سوى أوكرانيا؛ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تحدث هاتفيا لتسعين دقيقة مع نظيره الروسي. ووزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، كان في كييف أمس. وحلف "الناتو" في اجتماع طارئ، سبقه بيوم اجتماع مماثل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تداعيات الأزمة الأوكرانية، والضغط على الروس للحؤول دون خطوة متهورة.
موسكو قد لا تتسرع في تنفيذ تهديدها باجتياح شبه جزيرة القرم، لتمنح الدبلوماسية مزيدا من الوقت للمساومة، تفضي إلى اتفاق يضمن مصالحها الاستراتيجية في أوكرانيا. ذلك يعني أن الأيام، وربما الأسابيع القليلة المقبلة، ستكون مكرسة لأوكرانيا وليس لسواها من بؤر التوتر في العالم.
وإذا ما انتقلنا إلى مستوى ثان من الأزمة، وحصل تدخل عسكري روسي، فمن المرجح أن ملفي سورية والتسوية سيوضعان في الثلاجة حتى إشعار آخر.
ثمة رأي آخر يرى في تسخين الجبهة الأوكرانية فرصة لصفقة عالمية، تشمل من بين ملفات أخرى الملف السوري تحديدا. روسيا تتصرف في الملفين السوري والأوكراني انطلاقا من قاعدة واحدة، هي ضمان مصالحها الكبرى، وحماية نفوذها من تعدي الغرب عليه. ولهذه الاعتبارات، يتوقع خبراء في المنطقة أن تسعى روسيا إلى تفاهم أو تسوية تطال الملفين. لكن السؤال: في أي الملفين ستقدم موسكو التنازلات للغرب؛ في سورية أم في أوكرانيا؟
الرئيس الروسي يُظهر عنادا شديدا حيال مبدأ التنازلات للغرب. ويعتقد بعض المختصين في الشأن الروسي أن الرجل ليس في وارد تقديم تنازلات هنا أو هناك، ما دام بمقدوره الاحتفاظ بدمشق وكييف.
ربما ينطوي موقف بوتين على مبالغة كبيرة في تقدير مكانة روسيا ودورها، ويكتشف مع مرور الوقت وتعمق الأزمة في أوكرانيا أن ما من فائض قوة يمكن استخدامه في مناطق أخرى
لكن الأمر في النهاية يعتمد على موقف الولايات المتحدة، والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه في المواجهة مع الدب الروسي.
يبدو من تصريحات المسؤولين الأميركيين وجود رغبة جارفة في احتواء الأزمة مع موسكو، وجرها للحوار والدبلوماسية، لتجنب تصعيد أكبر يضع واشنطن أمام خيارات مكلفة ليست مهيأة لدفعها.
الأزمة في أوكرانيا متدحرجة ومفتوحة على كل الاحتمالات التي لا يمكن التكهن بها. لكن المؤكد حتى الآن أن الأزمة قلبت الأولويات على الأجندة الأميركية، ومن غير المرجح أن نسمع جديدا حول سورية أو ملف التسوية. وقد ننتظر بعض الوقت عسى أن تتضح معالم الصفقة الكبرى؛ أوكرانيا وسورية معا.