الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أولوية إنقاذ المدنيين السوريين

أولوية إنقاذ المدنيين السوريين

22.02.2014
صحيفة «غارديان» البريطانية


البيان
الجمعة 21/2/2014
إخراج 1000 سوري أو نحو ذلك، من قلب مدينة حمص المحاصرة إلى الأمان النسبي، اقتضى محادثات طويلة صعبة، وترتيبات معقدة للنقل وتقديم المساعدة الطبية، وإيقافاً للنيران تماسك ثم تعثر ثم تماسك مجدداً، وتعرض مسؤولي الأمم المتحدة والصليب الأحمر للكثير من المخاطر.
وإذا نظرنا إلى هذا الإخلاء من هذا المنظور فإنه يعد إنجازاً يعتد به، لكن من الواضح أن هذا الإخلاء لا يشكل مساعدة إلا لشريحة بالغة الضآلة من مئات الألوف من المدنيين السوريين، المحاصرين في جيوب جحيمية أوجدتها الحرب الأهلية السورية، وهي أماكن لا يوجد فيها إلا القليل من الطعام والماء وأعداد محدودة من الأطباء.
وإذا أمكن مد الإغاثة الإنسانية إلى مدن وبلدات أخرى، فإننا قد نستطيع الحديث عن تحسن حقيقي، في وقت تقول فيه لجنة المراقبة السورية لحقوق الإنسان، وهي جماعة رصد مؤيدة للمعارضة، إن السوريين يتعرضون للقتل بأسرع معدل منذ بدء الصراع.
ومثل هذا المد للإغاثة الإنسانية، لا سبيل لإنجازه إلا عبر مجلس الأمن، وتحويل المجادلات فيه إلى واقع منصف للمدنيين السوريين. ولكن المشكلة هي أن هذه المجادلات، شأن محادثات جنيف مثلاً، تتسم بالتعقيد الشديد، فكل اقتراح تجري دراسته بدقة من كل طرف، لتبين ما إذا كان سيحقق له ميزة سياسية أو عسكرية مهما كانت ضئيلة.
وهكذا فإن الحكومة السورية تعاملت مع المفاوضات بشكل يتنافى مع اقترح المبعوث الدولي والإقليمي الأخضر الإبراهيمي. وهذا إجراء قياسي في الدبلوماسية المنتمية إلى هذا النوع، حيث تدرج القضايا في ملفات منفصلة بحيث يكون إحراز تقدم في ملف منها، لا يرتبط بفشل التعامل مع ملف آخر، على أن تتم العودة إلى الملف الأكثر صعوبة في وقت لاحق.
لكن نجاح هذه الدبلوماسية رهن بتوقف الأطراف المتصارعة عن الاعتقاد أنها يمكن أن تفوز في ميدان المعركة، وتنتقل إلى الهدف الأقل المتمثل في تأمين أفضل وضعية في إطار التسوية. ونحن لا نزال بعيدين كل البعد عن هذه النقطة، فالحكومة السورية تكثف هجماتها قرب الحدود اللبنانية وتمد سيطرتها في حلب، ومن المفترض أنها لا تريد مفاوضات جادة إلا بعد أن تغدو قوى المعارضة أكثر ضعفاً.
 ويمكن لروسيا وإيران تغيير توازن القوى بتقليل المساعدة لسوريا، ولكن روسيا لا تظهر أي مؤشر على القيام بذلك وإيران ليست ممثلة في جنيف. ومع ذلك، فإن توصيل الإغاثة الإنسانية يمكن إلى حد كبير عزله عن القتال، ويقع على الجانبين المتصارعين واجب إعطاء فرصة لذلك.