الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أوهام "الأسد"

أوهام "الأسد"

01.03.2015
الاتحاد



السبت 28-2-2015
خلال الأسابيع الأخيرة، بدأت الحكومات الغربية بإظهار تحول كبير في موقفها من الأوضاع في سوريا. ويبدو بوضوح أن إدارة أوباما تراجعت عن مطلبها برحيل الأسد الذي كان يمثل الشرط الأول لإطلاق مفاوضات السلام. بل إن بعض التقارير تشير إلى اقتراحات معروضة للنقاش تقضي بأن يسمح الغرب للأسد بأن يكون جزءاً من صفقة التسوية. ويستند هذا الطرح على أن البيت الأبيض وحلفاءه يعتقدون أن الرئيس السوري يجب أن يكون منفتحاً على إنجاز تسوية يمكنها أن تضع حداً للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ أربع سنوات.
وقابلت الأسد في 20 يناير الماضي في دمشق. وكان هذا أول حوار لصحفي أميركي معه منذ عام 2013 وتم نشره في "دورية العلاقات الخارجية". وبدا لي ميالاً للتفاهم وعبر عن رغبته بأن تشاركه الحكومات الغربية "نضاله" ضد الإرهاب الإسلامي. إلا أنه أظهر من وراء كلماته المعسولة أنه ما زال على عناده مثلما كان عند اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قبل أربع سنوات. وتهيأ لي من خلال الحوار أنه لا يعلم شيئاً عن الاتجاه السيء الذي تؤول إليه الحرب. وهذا يعني أن الصراع في سوريا سوف ينتهي بإحدى طريقتين لا ثالثة لهما، فإما أن يهزم الأسد المعارضة المسلحة، أو أن تهزمه المعارضة.
وسافرت إلى دمشق من دون فريق أمني لحمايتي، وكان يرافقني سائق سوري تم تعيينه لنقلي. الأسد قال لي إن دور الولايات المتحدة يجب أن يركز على "إحلال السلام ومحاربة الإرهاب ومساعدة المنطقة اقتصادياً، وليس إطلاق الحروب لأن هذا العمل لن يجعل منكم قوة عظمى". وأعرب عن اعتقاده باستحالة التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب الأهلية السورية. وعندما سألته عما يقوله المحللون من أن الحكومة لا تسيطر الآن إلا على ما بين 45 و50 بالمئة من البلد، أجاب بشيء من الانفعال بأن الحرب السورية لا تدور بين دولتين، ولا بين جيشين، حيث قد تتعرض فيها للغارات وقد تخسر فيها بعض المناطق التي تعمل على استعادتها. وقال إن جيشه لا يزال صاحب اليد العليا وكان يحقق النجاح عندما يقصد المكان الذي يريد.
وظهر الأسد أيضاً غير نادم بالرغم من الصراع الدامي الذي دمّر البلد وقتل حتى الآن 200 ألف سوري وشرّد أكثر من 7 ملايين وأظهر سوريا وكأنها انقسمت إلى ثلاث دويلات طائفية صغيرة. وقال لي إنه لا يتذكر أنه ارتكب خطأ واحداً. وهذا الرجل المسؤول عن تعذيب آلاف السجناء واستخدام الأسلحة الكيميائية وإلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين!
ـ ــ ــ ــ ـ
محلل أميركي متخصص بالنزاعات الدولية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"