الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أين اختفى اللاجئون السوريون؟

أين اختفى اللاجئون السوريون؟

26.05.2013
فهد الخيطان

فهد الخيطان
الغد الاردنية
الاحد 26/5/2013
على نحو مفاجئ، وبدون مقدمات، انخفضت أعداد اللاجئين السوريين القادمين إلى الأردن من ألف لاجئ يوميا إلى ثلاثة وأربعة لاجئين فقط. فما الذي حصل؟ وأين اختفى اللاجئون؟
المعارك لم تخمد في كل أنحاء سورية، وفي المناطق الحدودية مع الأردن. لا بل إن وتيرة المواجهات المسلحة ارتفعت في الآونة الأخيرة، مع تقدم قوات النظام على أكثر من محور.
مسؤولون في إحدى الوزارات السيادية ردوا الأمر إلى سيطرة القوات النظامية على نقاط استراتيجية جنوب سورية، وإغلاق "كريدورات" كان اللاجئون يعبرون من خلالها إلى الحدود مع الأردن. لكن ذلك على أهميته ليس كافيا لتفسير التراجع الحاد، خاصة وأن الجيش السوري الحر وجماعات معارضة أخرى، ما تزال تسيطر على مواقع مهمة في محافظة درعا وريفها، وتخوض مواجهات شرسة مع قوات النظام.
لكن هناك في أوساط رجال الدولة من يؤكد أن الحكومة اتخذت قرارا غير معلن بإغلاق النقاط الحدودية غير الشرعية مع سورية، ومنع دخول اللاجئين منها، في مسعى للتخفيف من تدفقهم بأعداد لم يعد بمقدور الأردن تحملها. وكان تقرير لوكالة "رويترز"، قبل أيام، أشار إلى مثل هذا القرار، وهو ما نفاه مسؤولون حكوميون. كما أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الحدود الأردنية لم تغلق بوجه السوريين، وأن تراجع الأعداد يعود لتعقيدات أمنية على الجانب الآخر.
إغلاق النقاط غير الشرعية والاكتفاء بفتح المعابر الحدودية لدخول السوريين بشكل شرعي، هو اقتراح سبق أن دعا إليه عدد من رؤساء الحكومات السابقين خلال لقاء جمعهم برئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة، في منزل الأخير. ولقي هذا الاقتراح عند الكشف عنه تأييد أوساط سياسية وإعلامية.
ثمة رواية ثالثة لتفسير لغز اختفاء اللاجئين، تملك قدرا كبيرا من المصداقية بالنظر إلى مستوى المراجع التي تحدثت عنها. الرواية تفيد بأن الأردن أدرك الحاجة إلى تقنين دخول اللاجئين بدون إغلاق الحدود والدخول في مواجهة مع المنظمات الدولية. ولذلك، وبالتزامن مع تقدم قوات النظام السوري، أجرى الجانب الأردني ترتيبات مع الجيش السوري الحر، يقوم الأخير بموجبها بالحد من تدفق اللاجئين إلى النقاط الحدودية، باستثناء الحالات الإنسانية والجرحى. كما عقد اتفاقا مشابها مع قوات النظام ليقوم بإجراء مماثل في المناطق التي يسيطر عليها.

الأردن من جانبه تراجع خطوتين إلى الوراء، ولم تعد قواته تتموضع في نقاط التماس الحدودية كما كانت من قبل، مما يجعل عبور اللاجئين رحلة محفوفة بالمخاطر.
لا يُعرف إلى أي مدى يمكن لهذه السياسة أن تصمد؛ فالوضع متغير على الأرض، وقد تفقد القوات النظامية سيطرتها في أي لحظة. كما يمكن للتفاهم مع الجيش السوري الحر أن ينهار غدا، ويعود تدفق اللاجئين بمعدلات أكبر من السابق، خاصة وأن هناك نحو ربع مليون سوري نزحوا من مدنهم وقراهم إلى درعا، ويبحثون مثل غيرهم عن ملاذ آمن خارج الحدود.
التراجع الحاد في أعداد اللاجئين السوريين خفف الضغوط على الحكومة التي قدم لها مجلس النواب، قبل أسابيع، توصية بهذا المضمون. كما خلق الوضع الجديد حالة من الارتياح الحذر في أوساط المواطنين، خاصة في محافظات الشمال التي يعاني سكانها من أوضاع صعبة.
لكن السؤال يظل مطروحا: إلى متى تصمد الهدنة على الحدود؟