الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أين العرب من الأزمة السورية؟! 

أين العرب من الأزمة السورية؟! 

14.02.2021
د. نبيل العسومي


 
اخبار الخليج 
السبت 13/2/2021 
بينت الأزمة السورية الطويلة التي تدخل عامها العاشر فشلا سوريا وعربيا منقطع النظير على صعيد إدارة الأزمة أو البحث عن أفق لحل هذه الأزمة التي أدت إلى تدمير شبه كامل للدولة السورية وإلى تشريد الملايين من السوريين وإلى القضاء على مقدرات الاقتصاد السوري الذي كان يعد من أفضل الاقتصادات العربية. 
ويمكن رصد هذا الفشل في النقاط الآتية: 
أولا: أن الوضع الراهن داخل سوريا أصبحت تقوده عسكريا وسياسيا ثلاث قوى إقليمية ودولية هي روسيا وتركيا وإيران في السلم والحرب على حد سواء مع غياب كامل للدولة السورية التي لا يذكر حتى اسمها في أي لقاء أو مفاوضات أو مناقشات حول الأزمة أو مستقبل الدولة السورية، وهذه كارثة كبرى عندما يغيب أصحاب المصلحة وأصحاب الأرض عن مناقشة مستقبلهم ويترك الأمر للقوى الخارجية التي تتلاعب بهذه الورقة وفق مصالحها من دون النظر إلى مصلحة الشعب السوري الشقيق الذي يجد نفسه غائبا تماما عن هذا الأمر. 
ثانيا: الغياب العربي التام والكامل عن الأزمة السورية حيث اكتفى العرب مع بداية الأزمة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول السورية وتركها تحت رحمة القوى الدولية والإقليمية، ما سهل ابتلاع القرار السياسي السوري من قبل الدول ذات المصلحة، ولذلك نشاهد يوميا اجتماعات ولقاءات ثنائية أو ثلاثية أو مؤتمرات صحفية من دون أن نرى ممثلا سوريا فيها أو ممثلا عن بلد عربي أو جامعة الدول العربية، بما يعني في النهاية أن سوريا المستقبل سوف يتم إعادة تقسيمها على أساس مراعاة مصالح تلك الدول الثلاث بعيدا عن أصحاب المصلحة الحقيقية وهم السوريون، ولذلك نرى أن المفاوضات التي تجرى حول مستقبل شمال سوريا شاملا منطقة إدلب قد أصبحت بين تركيا وروسيا، وأن الجيش العربي السوري الذي يحاول جاهدا إعادة سيطرته على هذه البقعة من الأرض السورية أصبح قراره ليس بيده سواء بإطلاق النار أو وقف اطلاق النار. 
ثالثا: مقابل الفشل الرسمي السوري في استعادة صورة الدولة الحرة المستقلة فشل العرب فشلا ذريعا في التدخل من أجل ضمان وحدة سوريا وسيادتها على أراضيها، ونجد أن تلك الدول الثلاث ( روسيا وتركيا وإيران )  هي التي أصبحت تدير المعركة مباشرة وبشكل علني ويومي تقريبا بما في ذلك وقف إطلاق النار ومنع الطيران ومصير اللاجئين ومصير الجماعات المسلحة سواء كانت من داخل سوريا أو من خارجها وغير ذلك من الجوانب التي هي في الحقيقة تقع ضمن سيادة الدولة السورية وحدها، ولكن هيهات فقد انتهى زمن السيادة. 
الأدهى والأمر من ذلك أن هذه الدول قد حولت القضية السورية إلى تحد سياسي وخاصة بالنسبة إلى تركيا التي تعتبر الملف السوري محطة رئيسية من محطات نجاحها أو فشلها على المستويين الشعبي والعسكري، ولذلك تحاول بكل قوة أن تتدخل في الأزمة السورية سياسيا وعسكريا للوجود في الأراضي السورية، وهو وجود غير شرعي باعتباره قوة احتلال وحول تركيا إلى قوة استعمارية، وأوقع تركيا في ورطة لأن الانسحاب الآن من الأراضي السورية يعد هزيمة كبيرة للقوات التركية وهزيمة سياسية مدوية للرئيس التركي رجب طيب اردوجان وللخيارات السيئة لحزبه "حزب العدالة والتنمية". 
وهكذا يتبين حجم الصراع بين هذه الدول بسبب الأزمة السورية، ولكن يبقى الصراع الأكبر بين روسيا وتركيا، إلا أن هذا الصراع على الأرجح سيصب في النهاية لصالح روسيا التي تدفع التكاليف الباهظة لوجودها في سوريا وأن الانكفاء التركي قادم على أي حال.