الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أين نجح وأين فشل تنظيم الدولة بعد مقتل أغلب قياداته؟

أين نجح وأين فشل تنظيم الدولة بعد مقتل أغلب قياداته؟

04.09.2016
د. محمد مصطفى علوش


الشرق القطرية
السبت 3/9/2016
ربما من حق خصوم تنظيم الدولة من أشقائه في الأيديولوجيا الجهادية الفرح بمقتل أبو محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم التنظيم، حيث عانى هؤلاء من شنّ التنظيم حربًا اتسعت يومًا بعد يوم على كل مخالف. ووصلت حدّ التباهي بالاغتيالات والمكائد والعبوات التي استهدفت المعارضين لخلافته من رفقاء دربه أو الناقدين لتوجهاته الفكرية والعسكرية.
العدناني الذي كان لسان حال تنظيم الدولة، وكان يرعد ويزبد عند كل مرئية أو صوتية تصدر له، لقي حتفه دون زوبعة تثار لمقتله. فمن قتل الرجل؟ هل الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت إنها نفذت غارة جوية استهدفت قياديا كبيرا في تنظيم الدولة في حلب قبل أن يؤكد تنظيم الدولة مقتل المتحدث باسمه بساعات قليلة؟! أم أنها روسيا التي أعلنت صراحة أنها وراء اغتياله دون أن توضح كيف تمّ قتله؟! أم أنه قتل على يد أحد قيادات تنظيم الدولة في سوريا المدعو علي موسى الشواخ الملقب بـ"أبو لقمان" بعد أن أوفد البغدادي العدناني إلى سوريا لضبط أبي لقمان المتطلع للولاية على الشام منذ سنتين، وفقًا لادعاءات الأمين العام لـ"جبهة الأصالة والتنمية" الشيخ خالد الحماد؟!
ستبقى التكهنات قائمة بشأن من قتل وكيف؟ لكن المؤكد أن الرجل الأقوى في التنظيم بعد زعيمه أبو بكر البغدادي قد قتل؟ أو على الأقل كان الأكثر قدرة على تسويق التنظيم والترويج لأطروحته الفكرية واستقطاب مجندين جدد. وكان سهما يرمي به التنظيم كلّ معارض. ووصلت جرأته الآفاق في تكفير المخالف دون تردد أو تريث فكان عاكسا لسلوك التنظيم وخطورته على من حوله.
قتل الرجل بعد خسارة تنظيمه مناطق شاسعة في العراق وسوريا وآخرها في حلب، وبعد أن ضاق صدر تركيا من تجاهل هجمات تنظيمه عليها، وقد وجدت نفسها وجهًا لوجه في مواجهة التنظيم خارج حدودها. قتل الرجل بعد أن أصبح التفاهم الأمريكي الروسي قاب قوسين أو أدنى من التوحد حول قتال التنظيم إلى جانب جماعات أخرى تصنفها موسكو أو واشنطن منظمات إرهابية، وبعد أن نجح تنظيمه في اختزال الانتفاضات الشعبية في تصورات المحافل الدولية إلى صراع بين الإرهاب والدولة.
تنظيم الدولة الذي فتح حربه على الجميع، وركب موجات الثورات، وسرقها من أهلها، وحولها إلى فوضى شديدة قد يتعرض إلى عمليه انشقاق واسعة بعد مقتل العشرات من قياداته المؤسسين خلال السنتين الماضيتين، وربما قد نسمع بمقتل أبوبكر البغدادي نفسه بعد أن ضاقت الحلقة الضيقة أو بدأت تتشقق من حوله.
وفي حين نجح في شق أخدود داخل السلفية الجهادية وتحويل طاقتها من مواجهة المحتل الخارجي إلى صراع داخلي قبل أن تدخل مرحلة التآكل الداخلي، فهو اليوم في تراجع مستمر. وربما تصبح نبوءة العدناني في لجوء التنظيم إلى الصحراء مرة أخرى واقعًا إذا تمكنت التحالفات الدولية من دحره من سوريا والعراق.
قد يصدق مرافق العدناني في أن التنظيم سيدخل مرحلة جديدة من القواتم والعبوات انتقاما لمقتل المتحدث باسمه، لكن الخراب الذي أطلقه في العالم العربي لن ينته قريبا، وسيطال أكثر طلاب الحرية والسلام والباحثين عن لقمة عيش كريمة.
تبقى هذه سيناريوهات مفترضة، المؤكد منها أن التنظيم تحول إلى معول هدم وتدمير، وخلافته المزعومة حولت الحياة إلى نظرية عدمية، ظلامية، قاتلة، وأضحى هو جسرا يعبر عليه الاستبداد لإعادة إنتاج نفسه من جديد، طالما أن تنظيما باسم الإسلام قادر على هذا الكمّ من الخراب والتدمير والتكفير.
من المؤكد أن التنظيم بأفعاله المرعبة أثار العالم كله ليس على المسلمين وحسب، وإنما على الإسلام نفسه. وأصبح كل مسلم مطاردا أو مشتبها به حتى تثبت براءته. وإذا كان التنظيم فعل وتورط في كل ما سبق كما هو بات مؤكدًا، فإنه من غير المؤكد أن خلافته باقيه وتتمدد!