الرئيسة \  مشاركات  \  أي حلم موحش ينتظر "بوتين" في سورية؟

أي حلم موحش ينتظر "بوتين" في سورية؟

17.09.2015
الطاهر إبراهيم





تنشغل الدول الكبرى وبعض دول المنطقة باستدراج عروض حلول سياسية تطبخ في سورية. لكن في نهاية المطاف يبحث أكثرهم عما يحصله لنفسه. طهران من جهتها استنزفتها الحرب في سورية وتتوجس من ثوار العراق فلا تستطيع الميليشيات الطائفية أن تضبط المظاهرات. أما روسيا فقد أغراها انسحاب الرئيس الأمريكي " باراك أوباما" من مشاكل سورية فأراد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"أن يجرب حظه في سورية وقد أغراه سكوت أوباما عن محاولة إغراق سورية بالسلاح الروسي.، وهو حلم قديم منذ أيام الاتحاد السوفياتي، أن يكون لهم قاعدة على البحر الأبيض المتوسط.
اكتفت الدول الكبرى بترك السويدي "ستيفان دي مستورا" أن يجرب حظه بإقناع المعارضة السورية بمن فيها الائتلاف الوطني، لعل وعسى. ونسي هؤلاء وأولئك أن المعارضة المسلحة  لا تقبل بما يطبخ لها إلا أن تكون سورية كلها للسوريين وليذهب دي مستورا إلى الجحيم.
سفينة بشار لاتهب الرياح باتجاهها،فهو يركز على الزبداني ويجلب المزيد من المسلحين يريد أن ينتهي من هزائمه فيها. ثم ليفاجأ أن جيش الإسلام الذي يقوده زهران علوش قد حرر أكثر من عشرين موقعا وحاجزا في الغوطة وقطع أوتوستراد حلب- دمشق، ويتهيأ لحصار دمشق، ما اضطر النظام كي يسحب بعض قواته من الزبداني لحماية دمشق.
وبذلك انضم محيط دمشق المدينة إلى المناطق الملتهبة. فجيش الفتح حرر مطار أبو الضهور، وتضغط قوات أخرى مقاتلة باتجاه اللاذقية لتلتقي بقوات جيش الفتح، التي حررت معظم سهل الغاب وطوقت معسكر "جورين"على سفوح جبل العلويين. بينما تتأهب درعا بأي وقت لتسقط بيد مقاتلي الجبهة الجنوبية، خاصة بعد تطورات مثيرة أعقبت مقتل الشيخ وحيد البلعوث وبعد قيام ثورة للدروز في السويدا.ولاننسى الهجوم المباغت الذي شنه تنظيم الدولة على مطار دير الزور واحتل كتيبة الصواريخ التي تحمي المطار.
في هذا الجو الكئيب المكفهر الذي يكتنف وضع النظام السوري ورئيسه بشار أسد الذي أصبح محصورا في "كنتونات" معزولة في سورية، شعر بوتين أن الفرصة صارت مواتية ليضع أوباما أمام أمر واقع فيبني أكبر قاعدة عسكرية له على الساحل السوري. ليس هذا فحسب فإن بوتين يريد أن يقطع أي أمل للجهاديين الشيشان الذين قاتلوه قبل أكثر من15 عاما، وقد انضم كثيرون منهم يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة ويحلمون بالعودة إلى لشيشان. وليست أوكرانيا بأقل أهمية لموسكو في سياسة عض الأصابع في الحرب الباردة بينها وبين أوروبا. فما تزال كييف تشكل صداعا لموسكو بعد أن انحازت إلى الغرب، وتثبيت أقدام موسكو في سورية قد يعتبر تعويضا لها في وجه تغوّل واشنطن واحتكارها للاهتمام العالمي.  
ولكن ما هو الموقف الحقيقي للمقاتلين السوريين في وجه الأطماع الروسية؟ مما لا شك فيه أن أن الجهاديين يحملون في ذاكرتهم التاريخية صورة كئيبة سوداء للدب الروسي، ولا ينسون أن الجنود الروس لا يقلون إجراما عن المارينز الأمريكي. حتى المعارضة السياسية السورية قد أحبطت بعد أن كشفت موسكو جهارا نهارا أنها ستزود بشار بالسلاح المدمر.  
استطرادا، إن التنسيق بين فصائل المعارضة العسكرية على غير ما يرام وغير مكتمل، رغم ما يتهدد هذه الفصائل من التفرق. لكنها لا يهمها أن يكون من يدعم بشار أسد هو موسكو أو واشنطن أو طهران، بعد أن يئسوا أن ينصرهم العالم إلا ثلاث دول أو أربع، وباقي الدول ممن يسمون بأصدقاء سورية لا خير فيهم، فقد أعربوا جهارا عن إمكانية تأهيل بشار أسد.
لكن ماذا  تنتظر موسكو من السوريين؟ ربما يظن بوتين ولافروف أن سورية تشكو من تنظيم الدولة أو تشكو من جبهة النصرة وأحرار الشام أو جيش الإسلام،وليس ذلك بصحيح.بل تشكو من بشار أسد وبراميله. ويوم يتوصل المقاتلون إلى تصنيع مدفع مضاد للطائرات البرميلية، وما ذلك على الله بعزيز، فعلى بوتين ولافروف وأوباما ومن لف لفهم أن يقرأوا على روح بشار الإنجيل والتوراة، ولن ينفعه ذلك، وسيلقى في جهنم الأحبة حافظ أسد وصحبة، وسيعلم ذلك المجرم، إن كان يعلم، أي مصير وخيم ورّثه أبوه التعيس.
الشعب السوري لا يخشى من النصرة ولا من أحرار الشام ولا من جيش الإسلام،ولا حتى من تنظيم الدولة الذي لا بد أن يثوب الخيرون فيه إلى رشدهم، ويرجعوا عن غيهم، وليسوا إلا حفنة جاهلة غلبوا غيرهم ممن تابعهم من دون علم ولا هدى ولا كتاب منير.  
الشعب السوري يشكو ممن وضع نصب عينيه قتل أهل السنة وتهجيرهم من ديارهم وإحلال الشيعة مكانهم وفي مقدمة هؤلاء بشار أسد وحسن نصر الله وزعيمة الأشرار إيران، وقد أملى لهم أوباما حتى ما عادوا يبصرون.
واليوم جاء التعيس  بوتين يظن أنه قد يحقق أحلامه في غفلة من الزمن، ونسي أن خصمه هو الشعب السوري الذي هزم فرنسا يوم كان لفرنسا عز وقوة، وسيكون قبور جنوده في سورية أسوأ حالا من قبور آبائهم في أفغانستان. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.