أي عام كان عام 2015 ؟

كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏30‏/12‏/2015
لم يشهد العالم وخاصة منطقة الشرق الاوسط برمته ومعه اوروبا من أزمات مثل ما شهده عام 2015 الذي بقي على نهايته سويعات قليلة .
فاذا ما تطرقنا الى الوضع في سوريا فنجد أن آلية ابادة الشعب السوري على يد رئيس نظام تلك الدولة بشار أسد ماضية منذ عام 2011 مستعينا بايران وميليشيات ولنقل عصابات ما يُطلق عليه بـ / حزب الله / وعصابات شيعية من الباكستان وافغانستان والعراق تقوم ايران بتجنيدها كما فتح أبواب سوريا لروسيا التي تتطلع بالوصول الى المياه الدافئة ووضع قدمها بمنطقة لها اهميتها الاستراتيجية دوليا . التدخل العسكري الروسي الى جانب بشار اسد ضد الشعب السوري له سببه المباشر ، حماية موسكو لمصالحها الاقتصادية ، فقد تم التوقيع عام 2008 على اتفاقية بين موسكو والنظام السوري والمعروفة بمشروع توينان قبل بدء انتفاضة الشعب السوري تكمن بتخريج طاقة الغاز بمناطق القلمون التي أكد خبراء الطاقة وجود حقول للغاز ضخمة فيها تصل تكاليف التنقيب عنها وتخريجها واستغلالها الى حوالي 4 مليار دولارا امريكيا ، أسند النظام السوري منذ بدء بروز قوة ما يُطلق عليه بتنظيم / الدولة الاسلامية وميلشيات حزب / الله / / حماية هذه المناطق من الجيش السوري الحر والميليشيات الاسلامية والغير اسلامية التي تسعى الى تحرير سوريا من النظام السوري ولذلك أخذت موسكو على عاتقها حماية تلك المناطق بتدخلها العسكري في سوريا .
ربما يكون تدفق الالاف المؤلفة من اللاجئين على اوروبا منذ صيف عام 2015 نافعة بعض الشيء ، فنظرا لتقارير منظمات الاغاثة الدولية التي تشرف على تدفق اللاجئين بأن اكثرهم من سوريا والعراق ، كان سبب عودة اوروبا وخاصة المانيا الاهتمام بالوضع السوري بعد انت مهتمة بالوضع في اوكرانيا وأزمة اليونان المالية ، فساهمت الحكومة الالمانية تنظيم مؤتمري / فيينا 1و 2/ للتوصل الى حل سياسي ينهي الحرب في سوريا وسط التغافل عن مستقبل رئيس نظام ذلك البلد بشار اسد فموقف السعودية القوي مع تركيا وقطر عدم مستقبل له في العملية السياسية ودعوة السعودية اقطاب المعارضة السوري للاجتماع في الرياض الذي تم في وقت سابق من شهر كانون اول / ديسمبر هو من اجل اتفاق المعارضة على راي واحد ينهي ايضا ماساة الشعب السوري الذي تشرد وراح ضحية الحرية التي يطالب بها منذ عام 2011 اكثر من 500 الف نسمة اضافة الى تشريد اكثر من 12 مليون نسمة وهدم اكثر مدنه .
وقد شمر الغرب عن ساعديه لوقف جماح تنظيم / داعش / الذي استولى على بعض المدن العراقية واجزاء من سوريا فنرى الحكومة الالمانية تقوم بتسليح جيش اكراد العراق وتدريبهم على القتال لمواجهة / داعش / تحت حجة حماية الاقليات الدينية وخاصة اليزيدية بتلك المناطق ، فقد حاولت منظمات تبشيرية تشجيع اليزيديين على اعتناق المسيحية الا انها فشلت بعض الشيء ، وتسليح المانيا الاكراد مقدمة لاعلان اكراد العراق قيام دويلة مستقلة لهم على العراق المركزي بتأكيد خبراء السياسة الاستراتيجية الدولية .
كان لإعلان السعودية قيام تحالف عسكري اسلامية لمواجهة تنظيمات الارهاب الدولية وقْع كبير على السياسة الدولية في مقدمتهم المانيا التي رحبت بهذا التحالف نظرا لحاجة الغرب تعاضد الدول الاسلامية ضد الارهاب بينما شككت ايران بنجاحه معتبرة التحالف ضدها وضد الشيعة .
ساهمت ازمة تدفق اللاجئين على اوروبا ومعها ايضا ازمة اليونان المالية التأكيد بأن الاتحاد الاوروبي على وشك الانهيار نظرا لعدم وجود تضامن حقيقي اوروبي وخاصة دول شرق اوروبا العضوة بالاتحاد التي رفضت تقديم وضع مسعدات مالية لانقاذ اليونان من الافلاس والحيلولة دون خروجها من منطقة / اليورو / فقد لعبت الحكومة الالمانية دورا كبيرا على الصعيدين الاوروبي والدولي لاقناع المصارف المصارف الدولية مثل مصرف اوروبا المركزي ومصرف النقد الدولي وغيرهما بتقديم مساعدات مالية لاثينا ضمن شرط اساسي المضي باصلاحات اقتصادية ومالية تنتهجها حكومة اليونان اليسارية وبالتالي الحيلولة دون وقوعها بقبضة موسكو التي تتطلع استغلال الوضع المالي والاقتصادي لليونان . زمة اليونان كانت وراء اعلان رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كِمرون اجراء استفتاء على الشعب البريطاني من اجل بقاء بلادهم ضمن الاتحاد الاوروبي او الغاء عضوية بريطانيا منه وبقاء بريطانيا مرتبط باصلاحات اوروبية يريدها كِمرون من الاوروبيين .
وأزمة تدفق اللاجئين ورفض دول شرقية عضوة بالاتحاد مثل التشيك وهنغاريا وبولندا استيعاب اي لاجئ من سوريا والعراق وغيرهما من الدول الاسلامية وايضا من دول البلقان ساهم بشرخ كبير ببنية الاتحاد الاوروبي ، فرئيس البرلمان الاوروبي مارتين شولتس ومعه رئيس المفوضة الاوروبية جان كلود يونكر وكثير من السياسيين من بينهم ايضا وزير الخارجية الالماني شتاينماير يؤكدون على احتمال انهيار الاتحاد الاوروبي اذ يرون ان القيم الاوروبية اتلتي تكمن بالحفظ على حقوق الانسان وغير ذلك بتلاشي جراء عدم التضامن الاوروبي .
اوروبا لا تزال تعاني من ازمة اوكرانيا التي مضى عامين عامان فبالرغم من الجهود الالمانية والفرنسية لوقف اطلاق النار والحيلولة دون تقسيم اوكرانيا وموقف الاوربيين المتناقض تجاه اوكرانيا وروسيا يؤكد عدم وجود تضامن اوروبي بالسياسة الخارجية فدول بحر البلطيق التي كانت خاضعة للاتحاد السوفييتي السابق ترى ان الحكومة الاوكرانية المركزية هي وراء الازمة مع موسكو بالرغم من ان هذه الدول ومعه بولندا لا تزال تحث حلف شمال الاطلسي / الناتو / على حمايتها من خطر غزو روسي محتمل لبلادها .
لعبت ازمة اللاجئين دورا رئيسيا بظهور وبروز قوة شعبية التيارات المناهظة للاسلام فمنظمة ما يُطلق عليه بـ / الجبهة القومية لحماية الغرب من الاسلام المعروفة اختصارا بيجيدا / تنشط بشكل ملحوظ ليس في المانيا فحسب والتي تعتبر مدينة درسدن مقرا لها بل في النمسا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا والنمسا وهولندا وغيرهم من دول الشرق الاوروبي ، كما ساهم تدفق اللاجئين الى نجاح الاحزاب القومية المتطرفة في بولندا وهنغاريا ، فرئيس وزراء هنغاريا فيكتور اوربان يرى بتدفق اللاجئين غزو اسلامي لاوروبا بينما ترى رئيسة وزراء بولند الجديدة بيئاتيه شديلو ان اللاجئين المسلمين يريدون ابتلاع اوروبا من جديد مؤكدة انه اذا ما استقبلت بلادها لاجئين مسلمين فسيساهمون بتشجيع الا قلية الاسلامية في بولندا على حكم بلادها من جديد .
عام 2015 لم يكن عاما سعيدا على الانسانية فاوروبا تعيش في امتحان المحافظة على قيمها التي تكمن بحقوق الانسان والتسامح فاذا كا انتصر التطرف القومي فيعني ذلك انهيار الاتحاد الاوروبي بشكل تام ، والشرق الاوسط يسوده العنف والتطرف الذي اساء الى الاسلام فـ / داعش / هذا التنظيم كان وراء ظهور التطرف القومي في اوروبا ووراء ازدياد قوة الكيان الصهيوني وبقاء بشار اسد في منصبه الى يومنا هذا .
وماذا ننتظر من عام 2016 ؟
ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأنباء ما لم تزود .