الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أي لعبة في سوريا؟

أي لعبة في سوريا؟

06.05.2013
اسامة الشريف

الدستور
الاثنين 6/5/2013
لا ينفك الرئيس باراك اوباما يؤكد ان استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي ضد شعبه سيغير من قواعد اللعبة. في السياسة تلعب المصطلحات دورا كبيرا في تحديد المواقف والافعال. والرئيس اوباما كان قد اعلن ان استخدام السلاح الكيماوي يعد خطا احمر في المعضلة السورية. اليوم يحاول الرئيس الاميركي التنصل من وعيده. ماذا يعني تغيير قواعد اللعبة بعد ان تم تخطي الخطوط الحمر؟ اخفق اوباما في استخدام مصطلح «قواعد اللعبة» في وصفه للأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث وحصدت ارواح نحو سبعين الف سوري حتى الآن. هي ليست لعبة ابدا بالنسبة للسوريين الذين قضوا في الحرب او شردوا من ديارهم بالملايين بعد ان دمرت قراهم ومدنهم. وفي هذه الحرب لا توجد قواعد ايضا، فقد عبثت دول واطراف كثيرة في الساحة السورية واستقطبت اطرافا وحكومات وطوائف وجماعات. وبعد مقتل وتشريد مئات الآلاف وسط عجز دولي واقليمي يقول اوباما ان استخدام النظام، او الثوار، للسلاح الكيماوي يعد خرقا لقواعد اللعبة بعد ان كان خطا احمر.
هي لعبة بالنسبة للغرب ولروسيا والصين ولايران ولدول عربية تورطت في الأزمة السورية. هي لعبة يراد منها تحقيق اهداف ومآرب لا علاقة لها بسلامة ووحدة اراضي سوريا. واليوم تدخل اسرائيل بوقاحة على هذا الخط لتلعب لعبتها ايضا ولتدلو بدلوها في المخاض السوري.
تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لواشنطن لا يعني التدخل العسكري السافر كما حدث في ليبيا. بحسب ما اشار اليه تشك هاغل، وزير الدفاع الاميركي، فانه قد يعني تسليح المعارضة، او جزء منها على وجه التحديد، لتغيير حظوظها وتعديل التوازن الاستراتيجي بين النظام ومعارضيه. ومقتضيات اللعبة بحسب المصالح الاميركية يعني مزيدا من التأزيم والزج باطراف اخرى في الآتون السوري.
اميركا لا تريد الأسد، او هكذا تقول، لكنها متخوفة من من قد يرث النظام البعثي في دمشق. وروسيا والصين وايران تعارض الاطاحة بالأسد، رغم ما اقترفه النظام من جرائم ومذابح بحق شعبه كان آخرها مذبحة البيضا التي لم تحرك ضمير العالم. الكل يبحث عن صفقة يحققها على الساحة السورية المشتعلة. تضارب المصالح والاهداف يزيد من اشتعال سوريا ويدفع بها تجاه التقسيم والتحلل.
في حقيقة الأمر ليس لدى واشنطن حل او حتى خيارات جذرية. هناك في الكونغرس من يضغط باتجاه التدخل ويذكر بمأساة رواندا في تسعينات القرن الماضي. حينها لم يتدخل المجتمع الدولي الا متأخرا. لا يوجد لسوريا اصدقاء حقيقيون: لا روسيا ولا اميركا ولا ايران ولا العرب. الكل باع واشترى بالدم السوري المراق، ومصيبة السوريين ان نظامهم لم يسع ابدا لانقاذهم من حافة الهاوية وهو اليوم مسؤول عن ارتكاب مذابح طائفية بشعة.
ان كانت سوريا لعبة في نظر الرئيس اوباما فهي بلا قواعد، وان كانت لعبة حقا فهي لعبة سمجة مقيتة دفع ثمنها عشرات الالآف من المدنيين العزل. هي معضلة ومشكلة شائكة في جميع الاحوال، وليس للسوريين الا ان يصلوا طويلا أملا في انهاء معاناتهم وانقضاء ليلهم الطويل. لن يأتي الفرج من روسيا ولا اميركا او من غيرهم من اللاعبين. على السوريين ان ينتبهوا الى ذلك الآن لعلهم يستطيعون كسر متوالية القتل والتدمير وانقاذ بلدهم من مستقبل مظلم!