الرئيسة \  مشاركات  \  أي مصلحة للسوريين بقتال داعش إذا بقي بشار يحكم سورية؟

أي مصلحة للسوريين بقتال داعش إذا بقي بشار يحكم سورية؟

03.08.2015
الطاهر إبراهيم





استيلاء تنظيم الدولة "داعش" على الموصل، أي ما يعادل ثلث العراق مساحةً، وثلث سلاح الجيش العراقي، وما رافق ذلك من ذهول أصاب المنطقة بأكملها. كل ذلك لا ينبئ عن مسيرة تقاس بالمسطرة والقلم، بل يصدق عليه القول إنه إعصار بكل ما تعني الكلمة. وكل هذا "كوم" ،كما يقال بالمثل، وما قام به ذلك الانتحاري باستهداف مجموعة من الأكراد في بلدة "سروج" على الحدود التركية فقتل أكثر من ثمانية وعشرين كرديا تركيا، "كوم آخر".
هذا الحدث قلب مواقف حكومة العدالة والتنمية في تركيا رأسا على عقب. فهي لم تكن راضية عما يفعله داعش في سورية والعراق، لكنها لم تكن تعتبر نفسها معنية بأن تتطوع مع التحالف الدولي لمحاربة داعش دون محاربة نظام بشار أسد. لكن التفجير في سروج التركية جعل كل شيء في تركيا يتغير.حتى إن رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو الذي كانت الابتسامة لا تفارق وجهه في كل ظهور له، خرج علينا وهو متجهم الوجه لا يضحك "للرغيف الساخن".
يبقى التساؤل واردا: هل ما حدث في "سروج" كان بتدبير الجناح العسكري بداعش ومن دون علم "البغدادي" بحيث أنه لم يأخذ باعتباره التساكت القائم بينه وبين حكومة العدالة والتنمية؟أم أنه كان ككل ما يفعله داعش كان يجري من دون أن يحسب للأمور حسابها؟
أياً كان الأمر، سواء أكان التفجير يشرب من كف البغدادي أم جرى من وراء ظهره، فقد كان على فاعله أن يتذكر غضبة رجب طيب أردوغان وانسحابه من  مؤتمر دافوس عام 2009،  احتجاجا على عدم منحه فرصة للرد على شمعون بيريز الذي كان يدافع عن عدوان إسرائيل على غزة عام 2009. التفجير في سروج الذي قام به الانتحاري هو أخطر من هجوم شمعون بيريس. أم أن كل أفعال داعش لا تأخذ في الحسبان ردود الأفعال عليها.
 قبل تفجير سروج كان أردوغان حريصا ألا يبتدئ تنظيم الدولة داعش بقتال. وداعش أبدى حسن نية عندما أطلق سراح أفراد القنصلية التركية المحتجزين، وداعش لم يتحرش بتركيا بعد. كما أن أردوغان لا يريد أن يخوض معارك غيره طالما أن واشنطن لم تبد موافقتها على قتال جيش بشار أسد، وهو برأيه أكثر إجراما من داعش.
في المقلب الآخر تنظيم الدولة داعش قاتل فصائل المعارضة أكثر من مرة، لكن هذه الفصائل لاتعتبر قتال داعش أولوية عندها، وهي تعتقد أن معركتها ليست معه بل مع النظام. التطرف جاء من عناصر داعش من غير السوريين وينتهي حين يتغلب العنصر السوري في داعش على من ليس سوريا.
كانت واشنطن تريد أن تبعد الدول العربية المعتدلة عن محيطها الإسلامي بإبعادها عن تركيا التي تدعم الإسلاميين وتتحالف معهم. كما أن واشنطن كانت تهدف إلى إبعاد هذه الدول عن عمقها الإسلامي بعد أن رأت أن عمقها الاستراتيجي مع الشعوب العربية، وأن الربيع العربي جاء بهؤلاء الإسلاميين، فانتخبهم في أول انتخابات حقيقية تجرى. 
بموازاة ذلك، تأكد للدول المعتدلة أن الإرهاب يأت من تحت عباءة طهران ومن يأتمر بأمرها من ميليشيات وحكومات، كالعراق ولبنان الذي يهيمن عليه حزب الله"حالش"،وكادت تستولي على اليمن بعد استنفارها عصابة الحوثيين الذين تحالفوا مع المخلوع علي عبد الله صالح. ولولا وقفة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي قاد عاصفة الحزم بقوة واقتدار لكان للأمر وجه آخر.
إن العلاقة بين واشنطن وطهران تعدّت الاتفاق النووي. إن ما هو أخطر من النووي اتفاقهما على قتال فصائل المعارضة السورية. هناك في سورية فصائل تعتبرها واشنطن إرهابية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام، وقد وضعتها على قائمة الإرهاب، ولم يثبت أنها قاتلت إلا النظام وحزب الله والمليشيات الشيعية، حتى أن "أبو محمد الجولاني" قائد جبهة النصرة قال لقناة للجزيرة:نحن لانستهدف إلا النظام وحلفاءه.مع ذلك استهدفت طائرات واشنطن جبهة النصرة وأحرار الشام عدة مرات. وقد أوكلت واشنطن لطهران مقاتلة هذه الفصائل. 
تحالف واشنطن مع طهران ضد المكون السني تم من تحت الطاولة. وينبغي أن يتكون تحالف بين الدول المعتدلة وتركيا والمقاتلين السوريين مماثل مكافئ لتحالف واشنطن-طهران، ولومن تحت الطاولة، لدعم تسليح المقاتلينالسوريين. وإلا فتحالف "الضرار" بين واشنطن وطهران سيجتاح هذه الدول إن قدر على إفشال ثورة السوريين.
قيام تركيا بمحاربة داعش دون محاربة جيش بشار لا يخدم إلا المليشيات الشيعية في العراق، وقد دخلت هذه في حلف مع واشنطن. وإذا كان هناك من مصلحة للمعارضة السورية في قتال داعش فهو ليس أولوية عندها، وهو مؤجل إلى ما بعد تحرير سورية من نظام بشار.
أصبح واضحا لدى واشنطن أن السوريين لن يحاربوا داعش. فقد صرفت واشنطن 40 مليون دولار على تدريب سوريين معتدلين،ثم تبين لها أنها حسب تقرير البنتاغون، لم تستطع تجميع أكثر من 60 معارضا سوريا يقبلون أن يحاربوا داعش من دون محاربة بشار أسد.
لن تجد واشنطن سوريين يقاتلون داعش دون قتال شبيحة بشار، وحتى إشعار آخر!!
* كاتب سوري