الرئيسة \  مشاركات  \  أي مصير ينتظر أعوان الأسد حين يغضب عليهم؟

أي مصير ينتظر أعوان الأسد حين يغضب عليهم؟

04.05.2015
الطاهر إبراهيم





قبل اللواء رستم غزالي كان اللواء غازي كنعان يهيمن على لبنان. بقي فيه أكثر من عشرين عاما يتحكم فيه بكل شاردة وواردة. في لبنان كان لايقال هل هناك من لا يعرف غازي كنعان؟ بل الأصح أن يقال هل هناك من لا يعرفه غازي كنعان في لبنان؟ ففي عام1987زار مكتب غازي كنعان في بيروت الصحفي الأشهر روبرت فيسك. قال له كنعان: لماذا لا تأتي نركض معا بشوارع بيروت نمارس الرياضة، لافتا أن فيسك سيكون آمنا لا يختطفه أحد، ما يدل على أن سلطة كنعان في بيروت كانت مطلقة.
يوم شعر بشار أسد أن حجم كنعان تضخم في لبنان أكثر مما ينبغي نقله رئيسا للأمن السياسي في دمشق ليكون تحت بصره وسمعه، ثم عينه وزيرا للداخلية. قبل أن تكون عند غازي كنعان الفرصة ليتطلع إلى أعلى أكثر من ذلك، زاره في 12تشرين الثاني 2005 في مكتبه بوزارة الداخلية آصف شوكت صهر بشار أسد ورئيس الأمن العسكري ليتركه جثة هامدة مع بركة من الدماء فوق سجادة المكتب، ثم ليعلن أنه انتحر. ولم يطل الأمر بآصف شوكت حتى قضى هو الآخر في تفجير مبنى تابع لأركان الجيش قتل معه ثلاث من القيادات في ما سمي بتفجير الأزمة، وقيل في حينه أن ماهر أسد وراء التفجير لأنه كان من الأساس يكره آصف شوكت ولا يريد زواجه من أخته بشرى أسد. 
هذه المعلومات يعرفها السوريون، لذلك لم يفاجأوا باغتيال اللواء رستم غزالي على يد العميد العلوي رفيق شحادة رئيس شعبة الأمن العسكري. كان غزالي رئيس شعبة الأمن السياسي في سورية وحاكم لبنان من قبل تماما كما كان غازي كنعان. كان على غزالي ألا ينتظر مصيرا أقل سوءا من هذا المصير وقد اغتال مئات اللبنانيين والسوريين في دربه الطويل في خدمة آل أسد. ربما ارتكب غزالي الخطيئة الأكبر حينما ألمح إلى ما يعرفه عن ملابسات اغتيال رفيق الحريري، أو لأنه بات يعرف أكثر مما هو مسموح به، أو أن غزالي لم يعد لديه ما يقدمه في خدمة بشار، أو أن استمراره أصبح مكلفا وعبئا على النظام.
وهكذا تقاسم رستم غزالي المصير نفسه مع رئيسه في لبنان غازي كنعان. فكلاهما قتله رئيس شعبة الأمن العسكري. لكن اختلف مصيرهما بعض الشيء وإن كان هامشيا. فغازي كنعان تم اغتياله بمكتبه ليقال أنه انتحر. بينما سعى رستم غزالي (لحتفه بظلفه)، فذهب إلى مكتب رفيق شحاده رئيس الأمن العسكري ليقتله أعوان شحادة ضربا على رأسه، أو هكذا قيل.     
تعالوا نتذكر كم جريمة ارتكبها حافظ أسد وكم قتل من رفاقه ومن المواطنين؟
عندما قام انقلاب 8آذار عام 1963،كان النقيب الطيار المسرح حافظ أسد يتسكع في المقاهي. أما رفيقه في اللجنة العسكرية (تشكلت اللجنة أثناء الوحدة من بعثيين أغلبهم علويون) الرائد المسرح صلاح جديد فذهب من وظيفته المدنية على دراجته الهوائية وعين نفسه(ضمن حصة البعثيين في الانقلاب) رئيسا لإدارة شئون الضباط. كان أول عمل قام به  صلاح جديد في 8 آذار أنه سرح أكثر من 200 ضابط من أكفأ ضباط الجيش، واستدعى بدلا منهم من الضباط البعثيين المسرحين وأكثرهم من العلويين، وكان منهم النقيب حافظ أسد. وخلال سنة واحدة تمت ترقية حافظ أسد دفعة واحدة إلى رتبة اللواء وعين قائدا للقوى الجوية.
في الطريق للسلطة الذي جمع بين الثنائي حافظ أسد وصلاح جديد بين عامي1963 و 1970  ارتكب الاثنان جرائم عدة في حق سورية، بل وفي حق حزب البعث الحاكم. قاما بانقلاب 23 شباط 1963. أطاحا بأعضاء القيادة القومية للحزب (ميشيل عفلق، صلاح البيطار، ورئيس الدولة أمين الحافظ وآخرين). اغتالا العميد عبد الكريم الجندي، عضو اللجنة العسكرية، الذي لم يكن علويا. كما أعدما المقدم سليم حاطوم وكان درزيا. وأخيرا أحس حافظ أسد أن كرسي الحكم لا يتسع إلا لشخص واحد هو حافظ أسد فانقلب على رفاقه في 16 تشرين ثاني 1970 وأدخلهم جميعا سجن المزة، وفي مقدمتهم صلاح جديد الذي التقط حافظ أسد من الشارع.
لم يشفع لصلاح جديد أنه أنقذ حافظ  أسد من التسكع في المقاهي وأنه عمل في عام واحد على ترقيته إلى رتبة اللواء، فكان جزاء صلاح جديد كجزاء سنمار، فألقي في سجن المزة وباقي رفاقه. خرج رفاق صلاح جديد من سجن المزة وبقي هو من عام 1970 ليخرج إلى قبره في  عام 1993. وقد كتب بعثيو الأردن نعيه وبالخط الثلث في الصحف الأردنية:"من المؤمنين رجال  صدقوا ما عاهدوا الله عليه"، وهو الذي لم يصل لله ركعة واحدة.
أما اللواء العلوي محمد عمران رئيس اللجنة العسكرية أيام الوحدة، ووزير الدفاع في حكومة حزب البعث بعد خروج الناصريين منها بعد ثلاثة أشهر من الانقلاب، فقد كان من الذين انقلب عليهم في 23 شباط، فنفى نفسه إلى لبنان، فأرسل حافظ أسد من يقتله عام 1972. أما صلاح البيطار الذي اشترك بتأسيس حزب البعث مع ميشيل عفلق في عام 1947، وكان أول رئيس لحكومة الانقلاب عام 1963، فقد طرد من الحكم بعد انقلاب 23 شباط 1966.وقد أرسل إليه حافظ أسد من يقتله في باريس عام 1980.
الذين ذكرتهم غيض من فيض ضحايا حافظ أسد وبشار أسد. هؤلاء الضحايا البعثيون بدورهم شاركوا بالجرائم، فأعدموا الرفاق وسجنوا الكثيرين من المواطنين السوريين خلال مسيرتهم في الحكم.
أفردت هذا المقال لذكر بعض ضحايا حافظ أسد وبشار أسد من الرفاق. وإلا فإن من أعتقلهم حافظ أسد ووريثه بشار أسد من السوريين أو أعدموا فحدث ولا حرج. عندما ورث بشار أباه حافظ أسد ظن السوريون أن بشار سيكون أقل سوءا من أبيه. لكن مئات آلاف السوريين الذين قتلهم بشار أو اعتقلهم زادت أعدادهم عمن قتلهم حافظ أو اعتقلهم.. وقد قيل: ومن يشابهْ أباه في ظلمه فقد ظلم.