الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "إخوان" سوريا.. "يتحزبون"!

"إخوان" سوريا.. "يتحزبون"!

12.11.2013
محمد خروب


الرأي الاردنية
الاثنين 11/11/2013
"وعد".. هذا هو مختصر الحزب "السياسي" الذي ستشهره جماعة الاخوان المسلمين في سوريا يوم غد الثلاثاء، ومِن اسطنبول التي باتت مربط خيول الجماعة السورية بعد ان بسط السلطان رجب طيب اردوغان مظلته عليها وراح يتحدث باسم "جماعات" الاخوان في المنطقة ليس فقط في كونه "النموذج" الذي "اصطفاه" الاخوان لانفسهم وعملوا على التمثل به والاشارة اليه بل وايضا في ان الرجل الذي لم يتخل عن ارثه العثماني والسلجوقي "حَضّر" نفسه كمرجعية سياسية اسلامية لكل الانظمة التي اختطف فيها الاخوان المسلمون في مصر وتونس وليبيا واليمن ثورات الربيع العربي وراحوا ينسجون تحالفات دولية برعاية تركية ودائما نحو الولايات المتحدة الاميركية التي يعرف الجميع "أولوياتها" الاستراتيجية، التي لم تتغير رغم ما طرأ على المشهدين الدولي والاقليمي من تغيرات عاصفة ليس أقلها انتهاء الحرب الباردة مروراً بحال الشرق الاوسط الذي انهارت فيه انظمة ظنت واشنطن انها ضامنة لاستقرار المنطقة وملتزمة الاتفاقات مع اسرائيل وخصوصاً ان امدادات النفط لا تتوقف، وهي في البدء وفي النهاية بيد "الأخوات السبع" النفطية الكبرى، وما تفرع عنها من كارتلات ومصالح المجمع الصناعي العسكري.
ما علينا
غداً ومن اسطنبول (وليس من المناطق "المحررة" في سوريا) سيتم اشهار الحزب "الوطني للعدالة والدستور" (وعد.. كما اختصره اصحابه), وهو امر لا يعني ان "الجماعة" ستحل نفسها, فهذا لم يحدث في تاريخ الاخوان على امتداد ساحات تمددهم سواء في الاردن حيث تم اشهار حزب جبهة العمل الاسلامي وبقيت الجماعة, وهي التجربة الاقدم عربياً بالمناسبة, كذلك الحال في حزب الحرية والعدالة المصري, حيث مقر الجماعة في جبل المقطم بالقاهرة المرجع الأشهر وصاحب القرار, دون أن ننسى حزب حركة النهضة التونسي, الذي يبدو انه جاء في صيغة جديدة عبر اندماج الجماعة في الحزب الجديد, أي احتفاظها ببنيتها التنظيمية والكوادر الاساسية, فيما لا يُعرف فعلاً اذا ما كان يُعرض على الاعضاء الجدد أن يكونوا مجرد "محازبين" أم "اخوانيين" وهو أمر يكاد يكون ملتبساً حتى في النظام الاساسي لحزب حركة النهضة.
هل قلنا النظام الاساسي؟
نعم فإخوان سوريا يسعون لخوض تجربة جديدة في إهاب عملية تمويه قد لا يكتب لها النجاح, حتى لو كانت المقدمات والحيثيات وما تُبشّر به الجماعة من "مبادئ" عشرة لحزبها الوليد تتمحور - على ما قال المراقب العام السابق للاخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني - حول مفاهيم الحرية والكرامة والعدالة والمساواة, والاليات الديمقراطية والمرجعية الاسلامية وتبني اهداف الثورة والتمسك بوحدة الشعب والارض السورية, وتبني القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية والانفتاح على العالم الخارجي, بما يحقق مصالح سوريا ويدعم سيادتها..
كلام عمومي كما يلاحظ كل من يدقق في المصطلحات، ولا يُلزم اصحاب الحزب الجديد بشيء محدد, وتكاد معظم الاحزاب في العالم أجمع، تدمج مثل هذا المحاور في ادبياتها وديباجة نظامها الداخلي وتعرضها أمام الجمهور, الذي لا يتوقف في العادة لتحليلها والوقوف على ابعادها والنقاش في اهدافها البعيدة أو حتى قضاياه الملحّة الراهنة مثل حقوق المواطنة وحرية المعتقد والرأي والعبادة وحقوق الانسان ودستور البلاد ومكانة التشريع الاسلامي فيه، ناهيك عن حقوق المواطنين من غير ديانة او قومية الاغلبية والذين يوصفون غبناً بالأقليات، في غمز واضح ومقصود وربما في نية مبيتة للقضم من حقوقهم والتشكيك بوطنيتهم ومواطنتهم في الان ذاته.
لن يغير كثيراً التشكيك بالتوقيت الذي اختار اخوان سوريا لاشهار حزبهم وبالتأكيد لن يكون مهماً كثيراً او ذي دلالة "تعيين" شخصية مسيحية نائباً لرئيس الحزب، فهذا مجرد ديكور ومحاولة للخروج من دائرة التعصب والفكر الجهادي التكفيري الذي "تمرست" فيه الجماعة طويلا وكثيرا منذ ثمانينات القرن الماضي وخصوصا في "الثورة" الحالية، وتحالفاتها العلنية والميدانية من خلال ذراعها العسكرية "لواء التوحيد" الذي يمارس ارتكاباته ضد المدنيين السوريين بالتحالف مع داعش وجبهة النصرة ومن خلال "الهيئات الشرعية" في المدن التي "حرروها" فكأن السوريين على موعد مع استبداد "آخر" ولكن "مُلح" هذه المرة.