الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إدارة أممية للمعابر السورية

إدارة أممية للمعابر السورية

05.05.2015
المستشار بشير المومني



الشرق القطرية
الاثنين 4-5-2015
سيطرة المعارضة الوطنية أو جهات إرهابية على المعابر الحدودية للدولة السورية يضع جيرانها أمام معادلة معقدة تتمثل في مدى الضمانات الأمنية التي يمكن لهذه الدول الحصول عليها من المجتمع الدولي بمايحول دون تدخلها المباشر في الداخل السوري وفيما إذا كان هنالك سند من أي اتفاقيات يمكن أن تبرم مع هذه الجهات المسيطرة في ظل قصور قواعد القانون الدولي عن التعاطي مع الحالة، ولقد قلنا في أكثر من مناسبة أن هذه القواعد عجزت عن التعامل مع إفرازات ونتائج الربيع العربي سواء فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب العابر للقارات وعقبات فكرة السيادة التي لم تعد إلا حبرا على ورق في معادلات المنطقة أو فيما يتعلق بعمليات التحرير المشروعة للدولة والتي تقوم بها المعارضة الوطنية التي لم يجر الاعتراف بها في مواجهة أنظمة القمع والاستبداد والتي تحظى بغطاء التشريع الدولي.
فى الحالة السورية تسيطر الجماعات الإرهابية التي يحظر القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التعامل معها ومفاوضتها على بعض المعابر الحدودية السورية خصوصا العراقية والتركية مما يؤثر بشكل مباشر على مصالح هذه الدول بحيث يبقى نظام الأسد المستفيد من هذه السيطرة في الضغط على دول الجوار وتبريره حالة الإجرام التي يمارسها لأن المجتمع الدولي ليس على استعداد للتعامل مع تنظيم مثل داعش أو الاعتراف به ويبقى الحل الوحيد في هذه الحالة التعامل وفق منطق القوة وفق (مبدأ سلمان –الحزم) بقيام الدولة المتضررة باستخدام القوة للسيطرة على المعابر الحدودية والعمل على إدارتها مباشرة حيث أن الحدود لا تسقط أو تزول أو تنتهي وفقا لقواعد القانون الدولي بغض النظر عن الجهة التي تسيطر عليها.
فى الحالة الأردنية الوضع مختلف تماما حيث يعتبر النظام الأردني أن سيطرة عصابة داعش الإرهابية على الحدود السورية الجنوبية خط أحمر قد يدفع لتدخل مباشر وحاسم ودخول بري للجيش الأردني داخل الأراضي السورية بحيث يصبح جزءا من الصراع عمل تاريخيا على النأي بنفسه عنه طوال أكثر من أربعة أعوام وقبل أيام شاهدنا عملية اختراق كبرى للتنظيم الإرهابي داعش على الحدود العراقية الأردنية وكيف أخفقت الدولة العراقية في حماية حدودها مما وضع الأردن في حالة اختناق حقيقي بإغلاق منافذه البرية قسرا.
وبمقابل ذلك الإخفاق للدولة السورية أو العراقية على حد سواء كنتيجة طبيعية للظلم والاستبداد وللعبث الإيراني في المنطقة نجد أن الأردن قد أسهم بشكل فعال في ضبط الحدود من جانب واحد عندما غابت الآلة العسكرية الأسدية عمدا عن المشهد الجنوبي لغايات فتح الباب للفوضى بأن تطرق الداخل الأردني إلا أن القوات المسلحة الأردنية تعاملت بحرفية عالية جدا ومنعت عمليات التسلسل وأحبطت أكثر من ألف عملية اختراق للحدود في العام 2014 وحده ، والحقيقة تقال إن التنسيق مع المعارضة السورية بهذا الاتجاه قد خفف الضغط عن الجيش الأردني ودفع باتجاه إمساك المعارضة الوطنية بالمعابر السورية في عملية إدارة ذكية للأزمة.
يبقى التحدي الذي يواجهه الأردن والدول الأخرى يتمثل في أن الصادرات الأردنية البرية أو الواردات لا بد أن تمر بشكل إجباري لدى نظام الأسد سواء المتجهة إلى لبنان أو تركيا مما يجعل من دخولها أمرا غير مشروع في نظر هذا النظام المجرم ويعمد إلى الاعتداء عليها بشتى الطرق نكاية بالأردن والذي يحاول مراعاة مصالحه الاقتصادية وتجنب الخسائر الاقتصادية التي تجاوزت أكثر من عشرين مليار دولار منذ بداية الأزمة السورية وهو مبلغ ضخم وثقيل جدا على بلد مثل الأردن..
باعتقادي أن الحل الوحيد الذي يتناسب مع مصالح الجميع ويتماشى مع مقررات مؤتمر جنيف (1) ويمكن اعتباره جزءا من التفاهمات الدولية الخاصة بالحل والانتقال السياسي للسلطة في سوريا هو ضرورة وضع المعابر السورية مع دول الجوار تحت الوصاية والإدارة الأممية وتحت إشراف قوات حفظ السلام الدولية وبعكس ذلك فإن المتضرر الأكبر هي دول الجوار لا نظام الأسد الذي يعول على الحدود اللبنانية والبحرية ويستخدم الحدود مع تركيا والأردن كوسيلة ابتزاز رخيصة لا يجوز الإذعان لها بل مواجهتها باستصدار قرار أممي يحفظ السلم الإقليمي ويضع المعابر البرية تحت الوصاية والإدارة الأممية..