الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إدلب.. محاولة لإنقاذ الثورة السورية

إدلب.. محاولة لإنقاذ الثورة السورية

14.09.2017
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاربعاء 13/9/2017
أمضيت عشرة أيام في محافظة إدلب أتنقل بين بلداتها وقراها، وألتقي كثيراً من النخب العسكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، وكان الهم الأكبر المسيطر على الناس جميعاً هو ماذا بعد؟ فأكبر مشكلة تواجهها العامة في الملمات والخطوب المدلهمة، هي افتقارها إلى النخب التي تُصارحها بحقيقة الوضع وتُجلي لها شيئاً من المجهول الذي ينتظرها...
كانت عزيمة الكل مصممة على المضي قدماً في الثورة، وعلى الرغم من عودة عشرات الآلاف من المشردين إلى المدن والقرى في الشمال، حيث غدت مكتظة بالأهالي، إلا أنهم لا يزالون على حماسهم وزخمهم تأييداً للثورة، ورغبة بمواصلة الخيار العسكري للتخلص من النظام الطائفي المدعوم من المليشيات الطائفية الأجنبية والاحتلالين الروسي والإيراني..
لكن التخوف الذي يزرعه البعض من اقتراب ضربة تحالف أو ضربة روسية أو غيرهما لا يدعمها ولا يسندها واقع سياسي دولي وإقليمي، فالكل يتجه اليوم إلى خفض توتر، وإدلب ليست الموصل ولا الرقة، ومبررات قصف وتدمير المدينتين السابقتين بوجود تنظيم الدولة منتف في الحالة الإدلبية، لا سيما مع مبادرة الأكاديميين التي أطلقتها جامعة إدلب، وإن كانت بحاجة إلى كسب حواضن ونخب جديدة، مع خفض التوتر العسكري بين الفصائل، وفك الاشتباك بين العسكري والمدني ليتفرغ كل إلى مهمته بعيداً عن التدخلات المباشرة وغير المباشرة...
الكل اليوم أمام استحقاق ديني وثوري وتاريخي، والكل اليوم مدعو إلى الالتفاف من أجل إنقاذ الثورة وليس إنقاذ إدلب فقط، فقوتنا في وحدتنا ودعمنا ومساندتنا لبعضنا، لتجنيب أهلنا الذين يبلغ تعدادهم اليوم من أهل إدلب والمشردين أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وبالتالي فالانتصار لمصالح ونزوات شخصية وحزبية هو هزيمة للثورة وهزيمة لأهل إدلب، الذين لن يغفروا لمن وقف مع المحرضين والمحتلين...
مبادرة الأكاديميين بحاجة إلى تفعيل أكثر، ونقلها إلى الشارع، وإشعار كل النخب وكل الشرائح السورية بحاجتها إلى هذه المبادرة، وبحاجة إلى أن تتلاقى مع مبادرة المجلس الإسلامي السوري لتكون مبادرة واحدة جامعة مانعة، عمادها دعم ومساندة القوى السياسية والدينية لمن هو على الأرض، مع شعور يقيني لمن هو على الأرض أنه بحاجة إلى السياسي لينقذه من المآزق التي وضع نفسه فيها، فالشام صخرة عظيمة لم تحملها أميركا ولا روسيا، ولا إيران فضلاً عن النظام، فكيف بفصيل أو توجه أن يحملها بمفرده..
كلمة أخيرة لكل أجسام الثورة السورية الشرفاء من أجسام دينية وعسكرية وسياسية، أن يتعالوا على الجراح، وأن يتناسوا المصالح الشخصية والحزبية، ويجتمعوا على كلمة سواء، ويستذكروا معها حين تجرّع الخميني السم بقبوله وقف الحرب العراقية الإيرانية من أجل إنقاذ بلده، فهل نتعلم من أعدائنا أو خصومنا إن أعيانا التعلم من تاريخنا، فيتجرع أحدنا السم أو بعضه من أجل ملايين الشهداء والمعاقين والمفقودين والمشردين؟;