الرئيسة \  مشاركات  \  إذا انعقد مؤتمر جنيف، فلن يكون إلا على حساب الشعب السوري!

إذا انعقد مؤتمر جنيف، فلن يكون إلا على حساب الشعب السوري!

06.11.2013
الطاهر إبراهيم





في كل مرة عندما يكون هناك متخاصمون ويدخلون مؤتمرا لفض الاشتباك، فسيكون الدور الأكبر في نتائج هذا المؤتمر يعتمد على قوة الخصمين على الأرض. ولا يتخلف الصراع في سورية عن هذه المقولة. في تحديد قوة النظام وقوة المعارضة المسلحة (ذكرت هنا المعارضة المسلحة لأن المعارضة السياسية لا تؤثر كثيرا بالوصول إلى النتائج، لأن قوتها على الأرض تساوي الصفر)، فإن الأطراف الخارجية تلعب الدور الأكبر في الوصول إلى نتائج أي اتفاق قد يحصل في مؤتمر جنيف أو غيره.
قوى الجيش النظامي مضعضعة أكثر من قوى الفصائل المقاتلة، بعد ما استنزفت قواه البشرية التي يعتمد عليها جيش النظام. فقد قتل أكثر من خمسين ألف من قواه البشرية التي تعتمد على الطائفة. (هذا الإحصاء يعود إلى قبيل حزيران 2013). لكن حلفاء النظام وعلى رأسهم إيران لم يدخروا وسعا في ترميم قوى النظام. فما تزال روسيا تورد السلاح الثقيل، وما تزال إيران تضخ  المليارات في البنك المركزي السوري، (فقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي من 300 ليرة سورية لكل دولار قبل حزيران 2013 إلى 150 ليرة سورية اليوم في 1/11/2013).
(يلاحظ القارئ أني قفزت فوق ميليشيا حزب الله وميليشيا أبو الفضل العباس، لأنهما يعتمدان أساسا على إيران، كما أن حماسهما للنواحي المذهبية يقابلها حماس أشد عند فصائل الجيش الحر، الذي يقاتل بحماس تلك الميلشيا القادمة من وراء الحدود).  
داعمو الجيش الحر لم يستطيعوا حتى اليوم تقديم ما تقدمه روسيا وإيران إلى بشار أسد بسبب رفض واشنطن وصول أسلحة ثقيلة وقذائف مضادة للطيران للجيش الحر. في المقابل يتفوق الجيش الحر بشريا على جيش بشار أسد ومقاتلي ميليشيا حزب الله وأبو الفضل العباس، لأن الجيش الحر يقاتل فوق أرض يعرفها وضمن حاضنة لوجيستية تؤمن له ما لا يتوفر للمليشيا القادمة لحربه من خارج سورية. من هذه المقارنة المبسطة نخلص إلى التالي:
مع تكافؤ قوى الجيش الحر بشريا مع قوى النظام وداعميه من ميليشيا حزب الله وأبو الفضل العباس على الأرض، فإن الدعم الذي توفره إيران للنظام يجعله يتفوق على الجيش الحر الذي تدعمه دول عربية لا تتمكن من تقديم أسلحة متقدمة له بسبب رفض واشنطن.
هذه المقارنات لا تغيب عن تفكير طهران وموسكو وواشنطن، كما لا تغيب عن تفكير فصائل الجيش الحر. أما الائتلاف فهو منشغل بالذهاب إلى مؤتمر جنيف قبولا ورفضا، ولا يملك ما تملكه فصائل الجيش الحر على الأرض، لاسيما الفصائل التي لا ترضى واشنطن عنها، تلك التي أعلنت رفضها الذهاب إلى جنيف. بل إن البيان الثاني الذي أعلنه20 فصيلا مقاتلا أواخر شهر تشرين أول المنصرم، صيغ بما يشبه التهديد لمن سيحضر ويوقع على أي اتفاق  يصدر عن مؤتمر جنيف.
ليس صعبا أن نعرف أجندة إيران التي تختصر موقف نظام بشار أسد وفريقه الذي يدعمه وما تريده من مؤتمر جنيف. وليس صعبا أن نعرف ما تريده واشنطن من هذا المؤتمر، الذي يمكن اختصاره بما تريده إسرائيل من جارتها سورية المستقبلية.
لكن الذي لا يمكن تحديده والإحاطة به هو ما تقبل به فصائل الجيش الحر إذا قبلت الذهاب إلى     مؤتمر جنيف. ما هو معروف حتى الآن أنها ترفض، جملة وتفصيلا، ما تريده طهران أصالة عن نفسها ونيابة عن بشار أسد، وترفض ما تريده واشنطن. هذه الفصائل لا تشغل نفسها بما ينشغل به الإتلاف من أنه يريد أن يكون هو الطرف الوحيد الذي يجلس على الطاولة بمواجهة الوفد الذي يرسله بشار أسد إلى المؤتمر. هل نستطيع أن نلغي المعارضة السياسية نهائيا من خريطة المؤتمر التي تعول عليها واشنطن وموسكو؟
خريطة المعارضة السورية السياسية خريطة متشابكة وتحفل بكل عجيب وغريب. فيها الذين شردوا من سورية منذ نصف قرن. وقليل منهم يتجمع تحت خيمة الائتلاف، الذي لا يعرف أحد حتى الآن الآلية التي تم اختيارهم على أساسها، والذين تريد منهم واشنطن أن "يبصموا" على وثيقة جنيف التي اتفقت عليها مع موسكو "قبل" انعقاد مؤتمر جنيف. كما أن هناك جمعا غفيرا من أولئك الذين هُجّروا من سورية، يتفرجون على ما يحصل في سورية، لا يستطيعون لتقدمهم في العمر الذهاب للقتال داخل سورية، ويرفض الائتلاف إدراجهم هيئته للاستفادة من خبرتهم.
يبقى أن نقول لذلك الرجل العجوز الأخضر الإبراهيمي بعد أن بلغ أرذل العمر: ضع حقيبتك تحت إبطك واذهب إلى غير رجعة، فإنا لا نقبل بك وسيطا.
كاتب سوري