الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إذا قالت موسكو فصدِّقوها

إذا قالت موسكو فصدِّقوها

22.12.2013
الياس الديري


النهار
السبت 21/12/2013
يمكن القول إنَّ الكلام التمهيدي بالنسبة الى موقع الرئيس السوري بشّار الأسد، قد شقَّ دربه الى العلانية، واستناداً الى رغبة صريحة في ولاية جديدة كشفت عنها الستارة شلَّة المحيطين به والمعبّرين عن آرائه.
أما الأخذُ والردُّ في هذا الصدد، فعلى المكشوف. وعلى أعلى المستويات. سواء في واشنطن التي سارعت الى إعلان موقف سلبي تماماً، أو في موسكو التي وجدت نفسها في حال ارتباك إزاء تصريح أدلى به نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في سياق مقابلة مع وكالة "إنترفاكس" الروسيَّة.
ماذا قال بوغدانوف حتى ثارت ثائرة المقرَّبين من الأسد؟
ليس أكثر من اثنتي عشرة كلمة: "إن مثل هذه التصريحات (للأسد) تؤجج التوتر ولا تساهم بتاتاً في تهدئة الوضع".
هذه الجملة القصيرة جداً، والمعبِّرة جداً، والصادرة عن مسؤول روسي كبير جداً، أثارت ردوداً غزيرة من لدن دمشق، وكلها تهجو المسؤول الروسي، مما استدعى نفياً عابراً.
ولكن ما قيل قد قيل. وإذا كان المَثَل العربي يقول إذا قالت حَذامِ فصدِّقوها، فان المَثَل السائد على المستوى الدولي يقول "إذا قالت الروسيا فصدِّقوها".
والتحدِّث عن أضرار وذيول ترشُّح الأسد ليس شيئاً عادياً، أو بعيداً من "مصنع" السياسة الروسية على الصعيد الخارجي، ومع سوريا بالذات. وعند هذا المنعطف الخطير الذي لا يُستبعد أن يكون تاريخياً ومليئاً بالمفاجآت.
إذاً، ليس كلام بوغدانوف من صنع مخيّلته، أو مجرَّد تعبير عن رأي شخصي. ولا اعتادت الديبلوماسيَّة الروسيّة إلقاء الكلام على عواهنه.
المسألة لا تنتهي هنا في موسكو التي ستستقبل رئيس "الائتلاف الوطني السوري" المعارض الذي قد يزور روسيا مطلع كانون الثاني، كما قال نائب وزير الخارجية.
بل إنها تمتدُّ، وبالمعنى ذاته والموضوع نفسه، الى المنقلب الدولي الآخر. أي الى واشنطن، حيث اعتبر البيت الأبيض "أن الشعب السوري قال كلمته، وهي أن لا مكان للرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا".
مع إضافةٍ بسيطة، من شأنها الإضاءة أكثر على الموقف الأميركي، مفادها "أن الأسد يتحمَّل القدر الكبير من المسؤولية عن دمار سوريا".
لا يمكن، ولا يجوز القفز فوق الكلام الجديد الصادر عن واشنطن وموسكو في وقت واحد تقريباً. وإذا كان صحيحاً تصريح بوغدانوف، فلن يكون من المستغرب اتفاق الدولتين العظميين على مجموعة أزمات متقاربة أو متداخلة... وبالتفاهم والتعاون مع الدول الرئيسيَّة.
يبقى السؤال الأهم بالنسبة الى دور مؤتمر "جنيف - 2"، وما إذا كانت نتائجه ستقتصر على التمهيد لـ"جنيف 3"، ثم...