الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إسرائيل.. وتحطيم جبهتي مصر وسورية... لماذا؟!

إسرائيل.. وتحطيم جبهتي مصر وسورية... لماذا؟!

24.12.2013
خالد حسن هنداوي


الشرق القطرية
23/12/2013
لم يعد خافيا على كل باحث خبير أن من قرأ التاريخ بتدبر وتأمل استطاع إلى حد كبير أن يتعامل في الحياة مع الأصدقاء والأعداء بطريقة حكيمة وسليمة وإن من لم يقرأ التاريخ، بل تغافل عن دروسه وتجاربه خبط خبط عشواء وضاع وأضاع وهذا كما يصدق على الأفراد ينطبق على الجماعات والدول والأمم كما قال الشاعر:
لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القد             س وضاعت من قبلها الحمراء
ولأن المؤرخين اتفقوا على أنه لم يتم طرد الصليبيين من بلادنا عبر زمن طويل إلا بعد أن توحد الإقليم الجنوبي في مصر والإقليم الشمالي في الشام وسوريا فقويت جبهتاهما وأحرزا النصر على العدو دون رجعة، فإن الصهاينة المجرمين والصليبيين الجدد الحاقدين من ورائهم قد قرأوا التاريخ جيدا وأدركوا أنه لابد من تحطيم جبهتي مصر والشام من جديد وقلب ثورة الربيع العربي فيهما زمهريرا وبورا فأخذوا جميعهم يساعدون ما يسمى بالمجتمع الدولي بحرب مكشوفة على البلدين وشعبيهما بالقتل والسجن والدمار ليصب هذا الخطب الجسيم في مصلحة الكيان الصهيوني واجتهد لاعبو الحلبة لتحقيق هذا الهدف، خصوصا الغرب - إلا ما ندر- وعلى رأسه أمريكا. ومع هذا المعسكر روسيا والصين وإيران ومن تآمر معها. وكل ذلك كي يبقى الصراع طويلا ويهلك الشام ومصر وتظل جبهة إسرائيل هي وحدها القوية المستعلية والآمرة الناهية على الجبهتين المحوريتين في الشرق الأوسط. وقد يظن من لا اطلاع له على حقائق الأحداث أن هذا تحليل ماضوي تبريري ولكن لو فكروا بالواقع الحالي لوجدوا الجواب صحيحا، فهذا هو "عاموس جلعاد" رئيس الطاقم السياسي الأمني الإسرائيلي يقول في مقابلة إذاعة الجيش الإسرائيلي: إذا تغير النظام السوري فسيؤدي ذلك إلى إقامة إمبراطورية إسلامية بقيادة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط. إذ إن أيديولوجية الإخوان هي إقامة إمبراطورية على أراضي مصر والأردن وسورية ومحو إسرائيل عن وجه البسيطة. إذن لابد من إنهاك تلك الجبهات وإن بدت موجودة مظهرا لا جوهرا. ولقد رأينا أن القطار الأمريكي يسير في هذه السكة، لأنه لن يتحرك دون الإذن من محطة تل أبيت ووجدنا التأكيد مؤخرا على ألسنة الساسة الأمريكان لبقاء بشار الجزار وذلك بعد كل ما كان ويكون منه من مذابح ومجازر بحق المدنيين ومن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بحيث تجاوز كل الخطوط الحمراء حتى بعد الكيماوي باستمرار مسلسل قتل الأطفال والنساء والتدمير الخطير بالبراميل المتفجرة، خصوصا في حلب وريفها وذلك لأن أستاذه الإيراني قال له: أسقط حلب تسقط دمشق من يد الثوار. ويؤكد رئيس قسم الدراسات الشرق أوسطية في تل أبيب والخبير في الشؤون السورية البروفيسور "إيال زيسر" لمركز "كارينجي" البحثي أن إسرائيل تريد ترك طرفي النزاع في سورية يتصارعان لكنه على أن يبقى الأسد قويا للحفاظ على الحدود مع إسرائيل لتبقى هادئة. وليحارب من وصفوا بأنهم عناصر القاعدة في سورية كحجة لإبقائه في الحكم. وقد ذكر السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد أنهم لا يريدون إسقاط الأسد ولكن إضعاف نظامه ليس إلا. وهكذا فسياسة أمريكا وإسرائيل التوافق مع الأقليات ودعمهم لأنهم يسيرون معها في الحقيقة كما تريد. ويجب ألا نغتر بالشعارات الرنانة، لأن تلك الأقليات كالعلوية في سورية والشيعة في العراق باعتبارها أقلية من نسبة السنة الكلية - وفي سبيل أن تصل إلى الحكم وتحكم الأكثرية بدل أن تحكم من قبلها - تعمل وتقدم للدول الكبرى كل شيء. وهذا شأن من نهج نهجهم، وأن أمريكا لا تهمها إلا مصالحها. ولا ننسى في هذا الإطار تصريح "ليبرمان" وزير الخارجية الإسرائيلي قبل أسبوعين بضرورة تفضيل إبقاء الأسد وهو الموقف نفسه الذي تصر عليه إيران وروسيا على لسان لافروف الذي أوقف إدانة اللانظام السوري بالعنف مؤخرا ورفض وجود أي جملة تخص حكومة الأسد من حيث حذفها في المرحلة الانتقالية إن جرت محادثات جنيف 2 وكان بوتين قد أوضح في محاورته لنتنياهو دورهم وتنسيقهم لصالح إسرائيل، وأن كل هؤلاء إنما يريدون أن تظل الجبهة الإسرائيلية قوية كي لا يكون البديل إسلاميا ولذلك فإنهم يعملون ليل نهار على الإيقاع بين الثوار. وهكذا تريد إيران وما تصريحات خامنئي وروحاني إلا أكبر شاهد للحفاظ على المشروع الإيراني. وما اللقاء الأخير بين الأمريكان والإيرانيين للتوافق على النووي إلا إشارة للتخفيف عن بشار ولذا أخذ يكرر رغبته في الترشح للرئاسة مجددا. وأما ما يتعلق بالجبهة المصرية فيكفي أن ننبه للاتصالات التي كانت تتم بين الفريق عبد الفتاح السيسي قبل الانقلاب ووزير الدفاع الأمريكي وكذلك الاتصالات مع نتيناهو، لاسيما وأن السيسي زار إسرائيل مرارا كما ذكر الإعلام وكذلك ما قاله أحد كبار الإسرائيليين بأن مرسي يريد حكما إسلاميا وأن الشعب المصري شعب متعود على الطرب والرقص وهو يعمل على إعادته للتخلف أربعمائة سنة! وكذلك ما قرأناه من أن المسؤوليين الإسرائيليين يخاطبون حلفاءهم من الدول أن يضغطوا للوقوف إلى جانب السيسي والحكومة المؤقتة، وكذلك قول كيري وزير الخارجية الأمريكي: إن الإخوان سرقوا الثورة المصرية! وأي ثورة يريد وهو ودولته يعملون على تسريع محاكمات هزلية لمرسي والإسلاميين، بينما سمح مرسي أن تجري محاكمة مبارك بالعدل وعلى بطء شديد، ثم تمت تبرئة جمال وعلاء مبارك من قبل الانقلابيين. وأن استمرار المظاهرات والصراع ضد الانقلاب ما هو إلا صراع ضد إسرائيل التي كانت قد هجمت على غزة مؤخرا ولم يوقفها إلا الرئيس مرسي. وإذا قرأت تصريح أوباما حيال السيسي وعرفت محاولة الموافقة على المساعدة العسكرية لمصر مؤخرا أيقنت أن معسكر الشر كله واحد وأن إضعاف الجبهتين السورية والمصرية إنما يحققه حكام عملاء لم يبلغ المستعمرون درجتهم في الخطر على الأمة العربية والإسلامية.