الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إسقاط بشار أهم من الضربة

إسقاط بشار أهم من الضربة

01.09.2013
علي حماده


النهار
السبت 31/8/2013
بعد خروج بريطانيا من التحالف الدولي الذي تحاول الولايات المتحدة بناءه لتوجيه "ضربة عقابية" للنظام في سوريا ردا على استخدامه السلاح الكيميائي صبيحة ٢١ آب المنتهي اليوم، بدا ان الادارة الاميركية التي ترددت كثيرا في الانخراط مباشرة في الازمة السورية قد حزمت امرها في القيام بعمل مع الدول الراغبة وفي مقدمها فرنسا التي اعلن الرئيس فرنسوا هولاند انه سيشارك في الضربة "العقابية". واتى البيان المسهب الذي ادلى به وزير الخارجية الاميركي جون كيري مساء امس والذي اعلن فيه وجود معلومات موثوقة بدرجة عالية عن مسؤولية النظام في سوريا عن استخدام الاسلحة الكيميائية ليشير الى ان السؤال الراهن ليس اذا كانت اميركا ستقوم بالضربة بل متى ستقوم بها؟ واذا كان كل من الرئيس الاميركي باراك اوباما في مقابلة مع شبكة "بي بي اس" الاميركية اعلن ان الضربة ستكون محدودة، ووزير خارجيته جون كيري اعاد تأكيد محدودية الضربة، فإن السؤال المطروح اليوم ونحن على مسافة بضع ساعات من موعد انطلاق صواريخ "توماهوك" نحو مقرات ومراكز النظام في سوريا: ما هو مفهوم الضربة المحدودة؟
لماذا السؤال؟ بكل بساطة، لان اي ضربة محدودة تدمر بضعة مقرات خالية اصلا، او بضع طائرات معطلة على مدارج مطارات عسكرية ولا تلحق اذى حقيقيا بالنظام لن تكون اكثر من مناسبة لكي يخرج بشار الاسد في اليوم التالي ليعلن الانتصار على غرار "النصر الالهي" الذي اعلنه السيد حسن نصرالله مع انتهاء حرب ٢٠٠٦، على رغم مقتل اكثر من ١٣٠٠ لبناني وتدمير معظم البنى التحتية اللبنانية.
اذا اتت الضربة الاميركية ضد نظام بشار الاسد محدودة بحيث لا تنعكس مباشرة على موازين القوى على الارض، اقله في محيط العاصمة دمشق التي لا تبعد مواقع مقاتلي الثورة فيها اكثر من بضعة اميال عن قلب العاصمة، من غير ان تفتح الباب امام اندفاعة حاسمة نحو قلب دمشق، فإن الضربة ستكون مناسبة ثمينة لبشار الاسد وحفنة المجرمين المحيطة به ليقولوا للعالم العربي انهم واجهوا نصف العالم ولم ينهزموا. كما ان ضربة محدودة غير مؤثرة فعليا ستضرب معنويا الثورة، وتزيد عزم الايرانيين وذراعهم الامنية - العسكرية في لبنان ("حزب الله") لمزيد من التورط المباشر والمكثف في المعركة في سوريا. وثمة امر آخر: من يضمن ألا يقوم نظام بشار الاسد بنقل كميات من الاسلحة الكيميائية الى "حزب الله" في لبنان، متى شعر انه بإفلاته من ضربة موجعة تفتح الباب امام انهياره، صار اقوى واكثر تصميما على فعل اي شيء لاطالة عمره؟
ثمة مسؤولية كبيرة ملقاة ليس على عاتق المجتمع الدولي، انما على النظام العربي الرسمي للدفع في اتجاه عمل عسكري حقيقي يعجل في سقوط النظام، وهزيمة ايران وبالطبع "حزب الله" في سوريا.
و في اختصار كلي نقول ان اي عمل عسكري رمزي لا يقلب موازين القوى على الارض سيكون بمثابة انتصار للنظام وروسيا وايران و"حزب الله" وبالتأكيد سيكون هزيمة لكل العرب ومعهم المجتمع الدولي. من هنا قولنا ان اسقاط النظام اهم من الضربة نفسها.