الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إسلاميون لحكم سورية..؟

إسلاميون لحكم سورية..؟

20.04.2013
غزوان طاهر قرنفل

المندسة السورية
السبت 20/4/2013
 كغيرهم من القوى والتيارات السياسية يسعى الاسلاميون السوريون لحكم سورية بعيد سقوط نظام الأسد، وهو مسعى لاريب أنه مشروع لأي كيان سياسي طالما اتسقت فيه نبل الغايات مع طهر الوسائل ومشروعيتها.
وعلى الرغم من أن الأهمية القصوى الآن ليست لمن سيحكم سورية مستقبلا بل الأولوية الآن هي الإبقاء على سورية الكيان والدولة والجغرافيا بالتوازي مع العمل الدؤوب سياسيا وعسكريا على اسقاط نظام يدرك أنه آيل للسقوط ولا مستقبل له فأخذ يعمل بدأب على محو الكيان السوري من الخارطة السياسية عبر تفكيك كل بنى الدولة وتدمير ممنهج لأسسها وإفناء تدريجي لشعبها.
إلا أن ما يدفعنا اليوم للبحث في تلك المسألة هو ماأثير مؤخرا من جدل حول هيمنة التيار الاسلامي وعلى وجه التحديد منه جماعة الأخوان المسلمين على بنية المعارضة السورية وأدواتها، وتحكمها بالتالي في مفاصل القرار الوطني وأطر ونمط التعاطي مع باقي قوى الثورة السورية.
وبصرف النظر عن صحة ذلك من عدم صحته فإني أعتقد شخصيا أن الاسلاميون سيحكمون سورية بعيد سقوط النظام وخلال الفترة الانتقالية المؤقتة وربما حتى لبضع سنوات بعدها… وليس هذا هو المهم، لأن الأهم أن يكون لديهم مشروع حقيقي ومتكامل وواضح المعالم والمفردات لإدارة الدولة، وأن يكون هذا المشروع مشروعا وطنيا سوريا لعموم السوريين وليس تعبيرا أو انعكاسا لفكر سياسي أو رؤية سياسية لمحض تيار أو جماعة.
وأعتقد في هذا الإطار أن ثمة مجموعة محددات يمكن أن تكون قاسما مشتركا بين عموم السوريين وقواهم السياسية والاجتماعية وعاملا جامعا لهم في تلك اللحظات الفارقة من تاريخهم ومستقبل وطنهم.
ولعل أهم هذه المحددات باعتقادي تتمثل في:
1- أنه لا مستقبل لدولة دينية في سورية، ونعني هنا بالتحديد دولة تبنى على أساس من الانتماء الديني أو يديرها او يتدخل في إدارتها على نحو ماشر أو غير مباشر رجال الدين… فسوريا خليط عرقي وديني ومذهبي ولن يستقيم أمرها بنظام حكم ديني ولو كان معبرا عن انتماء عقيدي لأكثرية شعبها.
ولمن يعتقد أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية للأقلية نقول له ليست حكم الأغلبية الدينية، بل الأكثرية السياسية للاقلية السياسية وفق آليات عمل سياسي ودستوري وقانوني لايخالف محددات عامة ومنظومة قيم وتفاهمات مجتمعية تمثل ثوابت حكم لاتتبدل.
2- الاسلاميون وتياراتهم السياسية معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتوكيد التزامهم الاخلاقي قبل السياسي بما أقروه سابقا وصدر عنهم من أدبيات تلتزم بمبدأ الدولة المدنية، والتي لاتعني بأي حال كما يظن البعض – جهلا أو تجاهلا – محاربة إيمان الناس بمعتقداتهم وسلخهم عن عقائدهم بل يعني عدم إقحام الدين في سياسات الدولة أو في تكوين بناها ومرتكزاتها.
3- الايمان – استتباعا – بمبدأ المواطنة، بما يعني أن يكون كل السوريون مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات على قدم المساواة بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو المذهبية واعتبار الدين والمذهب علاقة خاصة ومحضة بين البشر والخالق لاعلاقة للسلطة الحاكمة في صياغة شكلها أو أطرها.
4- على الاسلاميون أن يؤمنوا أنهم مجرد بشر قد يكون لهم رؤية لآليات إدارة الحكم تختلف من وجهة نظرهم عن رؤى الآخرين لكنهم في جميع الأحوال يحكمون بما يتوافق عليه الناس – عبر مؤسسات السلطة وأدواتها ومن خلال منظومات المجتمع المدني وكذا الإرادة الحرة للمجتمع – من قوانين لاتناقض شرائع المجتمع ولا نواميس الحياة المعاصرة… وأنهم ليسوا حكاما بوكالة إلهية غيبية بل بتفويض بشري دنيوي قابل للفسخ والإلغاء، وأنهم تبعا لذلك محل مساءلة ومحاسبة عما قد يعتري سلوكهم وأسلوب إدارتهم لمنظومة الحكم وأدوات السلطة من أخطاء.
بهذا المعنى ومن خلال تلك المحددات وعدم السعي المسبق لخلق حقائق منفردة على الأرض بالفرض والإكراه يمكن ان يقدم الاسلاميون السوريون نموذجا مغايرا وراقيا يمكن أن يحتذى، ويشكل نقطة جذب ومثار إعجاب يجعل منهم حكاما -ربما- أكثر صلاحا وصلاحية لإدارة سوريا المستقبل.