الرئيسة \  مشاركات  \  إشراقة رمضانية ( 4 ) : إيجابية الدعاة

إشراقة رمضانية ( 4 ) : إيجابية الدعاة

30.07.2013
د. فوّاز القاسم


إن الجاهلية في كل زمان ومكان ، لا تعبأ أبــداً ، ولا تعير أي انتباه ، للمسلمين الأغبياء ، أو القابعين في زوايا التكيات والمساجد ، حتى لـو صاموا الدهر ، وصلوا آلاف الركعات ، ورتّلوا ملايين الأوراد .!
ما داموا لا يتعرضون للحياة ومسارها وقوانينها ، ولا يعنيهم من يكون الحاكم في البلاد ، ومن يكون المحكوم ، أو من يكون الظالم ومن يكون المظلوم .!
بل ان الجاهليات المعاصرة ، انتبهت الى ضرورة تشجيع مثل هذا ( الإسلام ) ، وتكثير عدد هؤلاء (المسلمين ) .!
حتى صارت لهم مدارس ومعاهد وجمعيات وتكيات ومؤسسات.
وهناك الكثير من الجهات التي تنفق على أمثالهم ملايين الدولارات.!
ولقد سبق رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الجزيرة العربية ، العشرات من البهاليل ، الذين كانوا يسمونهم ( الأحناف ) ، والذين كان جلّ همهم أن ينشدوا بعض الأشعار المتصوّفة ، ويمضوا في طريقهم ، بدون أن تعير لهم الجاهلية أي اهتمام  ...!!!
ولذلك أرجو الانتباه جيداً الى هذا النص الباهر الذي أورده كتّاب السير  بشأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم في مكة المكرّمة .
(لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه ،  حتى ذكر آلهتهم وعابها ، فلما فعل ذلك أعظموه ، وناكروه ،  وأجمعوا خلافه ، وعداوته ) . هشام ص264 ..
اذاً .. ان التي أغاظت الجاهلية .. هي دعوةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قومَه الى الاسلام ، والى توحيد الله ، وإفراده بالعبادة ، ونبذ الأصنام .
أي : الدعوة الى (لا اله الا الله ، محمد رسول الله ).
لأنهم كانوا يعرفون ماذا تعني هذه الدعوة ، من خلال معرفتهم الجيدة لمدلول لغتهم العربية .!
إنها تعني أول ما تعني : نزع السلطان الذي يمارسه الكهان ومشيخة القبائل والأمراء والحكام ورده الى الله .
السلطان على الضمائر ، والسلطان على الشعائر ، والسلطان على واقع الحياة ، والسلطان في المال ، والسلطان في القضاء ، والسلطان في كل مداخل الحياة ومخارجها …
وفهم العرب لهذه الدعوة ، هو الذي أخافهم منها ، وجعلهم يقفون ضدها ، ويعلنون الحرب عليها …
وهذا المعنى هو عين الذي جاء في رد وفد آل شيبان على الرسول صلى الله عليه وسلم ، يوم عرض عليهم أمر هذه الدعوة ، وطلب منهم الحماية والنصرة لتبليغها ، فاعتذروا عنه بأدب وقالوا : (ان هذا الأمر مما تكرهه الملوك) .!