الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إطالة فترة الحسم في سوريا لصالح من؟!

إطالة فترة الحسم في سوريا لصالح من؟!

16.05.2013
م. سعيد الفرحة الغامدي

م. سعيد الفرحة الغامدي
المدينة
الخميس 16 /5/2013
من بداية الصراع السوري، كان هناك مخاوف من استمرار الصراع لفترة طويلة، وهذا بالفعل ما حصل. المعارضة بدأت بطرق عشوائية مراهنين على ما حصل في مصر عندما وقف الجيش على الحياد حتى سقط النظام واستلم زمام الأمور خلال الفترة الانتقالية، وبعد الانتخابات سلَّم السلطة بشكلٍ مُنظَّم وبمسؤولية تُحسب له، بغض النظر عن الذي يحصل حاليا.
الوضع الطائفي في سوريا مُتمكِّن، ومن الصعب إزاحة العلويين من السلطة بدون خطة محكمة، لأن حكومتي إيران والعراق ورأس حربتيهما حزب الله يسيرون حسب مخطط بعيد المدى، والقتل عندهم هيّن في سبيل آيات الله المتلبسين بالدين.
ولا يخفى على أحد -من بداية الانتفاضة السورية- بأن إسرائيل تُراقب وتتحيّن الفرص لتجني أغلى الثمار من وراء التفتت العربي، وسوريا كانت ولازالت هي العقدة الكبرى في طريقها بعد إزاحة مصر والعراق من الصورة.
منطق المعارضة يرفض الحل السلمي، ولكنها غير قادرة بمفردها على تحقيق الانتصار على دولة لازالت أجهزتها الأمنية متماسكة، والدعم الدولي أصبح أكثر تردداً؛ بعد طول الوقت، وبعد الذي يحصل في مصر مع الإخوان المسلمين.
المقاومة لنظام الأسد تتعرض لتشويه كبير ومخيف في نفس الوقت، لأن أمريكا وأوربا ودول أخرى أصبحت قلقه من نظام ما بعد الأسد، وهل سيكون على طريق مصر وليبيا وتونس، أم أنه سيكون دولة مدنية قريبة من المزاج الدولي!
الثورات الناجحة ترفض الإملاءات الخارجية والدعم المشروط.. الجزائر وفيتنام أمثلة حية.. وفي الجانب الآخر الثورة الفلسطينية التي من أكبر عوامل فشلها حتى الآن التدخلات في مسيرة نضالها، لأنها تعتمد على الدعم المشروط من القريب والبعيد.
الوضع الراهن في سوريا لا يسر، لأن هناك قتل ودمار ومستقبل مجهول للبلد وأهله، وسيجر معه المنطقة بكاملها أيًّا كان المنتصر، وهذا ما تريده إسرائيل ومؤيديها.
إيران كسبت التجربة وأزاحت الأنظار عن وضعها الداخلي بتصعيد وتيرة التخويف في دول الجوار من مشروعها النووي وخططها المستقبلية، وفيما يخص الغرب وإسرائيل تركت الباب مفتوحاً لتغيير موقفها عندما لا تجد خياراً آخر أو يكون الوضع في صالحها.
والسؤال: هل ستنتج الثورة السورية للمنطقة فلولاً طالبانية جديدة تشرب من معين القاعدة، وتعود صلبة بعد أن اكتسبت التدريب القتالي في البيئة السورية ذات التضاريس المتنوعة؟! هناك من يتصور إمكانية حدوث ذلك في العالم أجمع، والذين لا يدركون أبعاد السياسة الدولية يرتكبون الأخطاء بدون حسابات دقيقة.
المنطقة قطعت شوطاً كبيراً في مسيرتها التنموية، واستثمرت أموالاً طائلة في سبيل ذلك، والخوف أن ما يحصل في سوريا ومصر والعراق على وجه الخصوص يُعرِّض كل ما تحقق من الإنجازات للخطر ويعيدنا للمربع الأول.. والإعلام مع الأسف منجرف وراء الأحداث بدون رؤية واضحة إما محاباة لآراء الأقلية أو تخوفاً من المجهول.
الغرب محتار، ومن يُفكر بغير ذلك لا يعرف كيف تصنع أمريكا وأوربا قراراتها الكبرى.. غلطوا في العراق عن عمد وسابق إصرار.. ويخشون أن تكون الغلطة القادمة أكبر من أن تتحمله مجتمعاتهم؛ وإمكانياتهم الاقتصادية والنتائج غير مضمونة!
والحل الأمثل بعد كل ما حصل من قتل وتدمير لسوريا وشعبها، إيجاد فترة انتقالية تُخرج بشار الأسد ونظامه من السلطة، وتبقى سوريا بدون تقسيم، وكفى من الدمار ما حصل.. والله من وراء القصد.