الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إطلاق منصة جديدة روسية – قطرية – تركية من الدوحة: هل نشهد بداية الحل في سوريا؟ 

إطلاق منصة جديدة روسية – قطرية – تركية من الدوحة: هل نشهد بداية الحل في سوريا؟ 

14.03.2021
هبة محمد



القدس العربي 
السبت 13/3/2021 
دمشق – "القدس العربي" : أطلق الثلاثي القطري – التركي – الروسي، فرصة جديدة أمام الملف السوري للخروج من مرحلة الانسداد إلى مسار جديد ومنصّة تعاون بين الدول الفاعلة في سوريا، حيث أصدرت الدول الثلاث الخميس بياناً مشتركاً على مستوى وزراء الخارجيَّة، التركي مولود تشاووش أوغلو، والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والروسي سيرغي لافروف، عقب عقدهم لقاء ثلاثياً في العاصمة الدوحة، على أن تنعقد الجولة المقبلة من المباحثات الثلاثية في العاصمة أنقرة ومن ثم في العاصمة موسكو. 
ويعتبر توقيت اللقاء هو الأهم، في ظل الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعاني منه معظم السوريين، خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام، وبالتالي، ثمة محاولة تقودها الدبلوماسية الروسية تلوح في الأفق من أجل خلق مسار جديد، مضمونه سياسي بغطاءٍ إنساني. 
وعلى ضوء ما تقدم، يبرز سؤال مهم، وهو، هل بات مسار أستانة في حكم الميت؟ وهل سيتم الاستعاضة عنه بمسار جديد بعيد عن المشاركة الإيرانية؟ وهو ما يفهم من حديث لافروف أنه من الممكن عقد لقاءات مشابهة في المستقبل، قائلاً أن "النقاط المشتركة بين الدول الثلاث ستكون ملحقاً مفيداً لمسار أستانة". 
وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو قال الخميس إن بلاده تواصل الدفاع عن وحدة الأراضي السورية وحماية المدنيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية. وتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك عُقد، عقب اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية تركيا وروسيا وقطر، عن إطلاق مسار ثلاثي جديد للمشاورات حول الملف السوري مع نظيريه القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والروسي سيرغي لافروف. معتبراً أن الاجتماعات كانت مثمرة للغاية، والهدف منها مناقشة سبل المساهمة في الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي دائم للأزمة السورية. 
وأضاف: ندعم جميع المبادرات الدولية الهادفة لإيجاد حل سياسي على أساس معايير الأمم المتحدة، إن المباحثات التي جرت في الدوحة استعرضت أعمال تشكل اللجنة الدستورية في سوريا. كما تطرقت إلى الوضع الإنساني في سوريا، والذي تفاقم أكثر وظهرت عوائق جديدة بسبب تفشي فيروس كورونا. 
وأكّد على ضرورة أن يبدي النظام السوري موقفًا بناءً أكثر كي تكون الاجتماعات القادمة مثمرة بشأن اللجنة الدستورية. وذكر أنه قرر مع نظيريه القطري والروسي مواصلة الاجتماعات الثلاثية بشكل منتظم، وأن الاجتماع التالي سيعقد في تركيا، كما الاجتماع الوزاري الثالث ستستضيفه روسيا، وسيكون ذلك ضمن فترات معينة بغية تأسيس السلام والاستقرار الدائم في سوريا. 
 
تحرك لافت للافروف في العاصمة القطرية… ومسار "أستانة" بدا أمس في حكم الميت 
مدير مركز جسور للدارسات تحدث لـ"القدس العربي" عن أبرز النقاط التي تمَّ الاتفاق عليها، وعلى رأسها التعاون لتخفيفِ الأزمة الإنسانية في سورية عبر تسهيل وزيادة المساعدات في جميع أنحاء سورية، بما فيها المتعلّقة بمكافحة فايروس كورونا، والتعاون لدعم العملية السياسية في إطار اللجنة الدستورية وبموجب قرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 2254 (2015). وكذلك مخرجات مؤتمر سوتشي، وعليه؛ من المقرّر انعقاد الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية قبل شهر رمضان 2021، ودعم مبادرات بناء الثقة التي تساهم في خلق أجواء إيجابية للعملية السياسية؛ وخصوصاً إطلاق سراح المعتقلين، والتأكيد على استمرار مكافحة التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية. 
وقال الخبير في العلاقات الدولية محمد سرميني لـ"القدس العربي" إن الاجتماع الثلاثي يبدو كمنصّة تعاون جديدة بين الدول الفاعلة في سوريا، بما قد يُفضي إلى إطلاق مسار داعمٍ أو موازٍ لمسار أستانة. 
وحول الموقف الروسي، قال المتحدث من الواضح أنَّ موسكو تسعى للتوصّل إلى صيغة جديدة بشأن سوريا مع حلفاء الولايات المتّحدة في المنطقة، على أمل التوصل إلى تفاهم معهم بما يمكن تسويقه روسياً في واشنطن، لا سيما وأنّ التعاون الثلاثي سيُركّز على ملف المساعدات الإنسانية الذي لا تعارضه إدارة جو بايدن. 
 
تنازلات روسية 
في المقابل، يُمكن الاعتقاد أنّ قبول تركيا وقطر بالتعاون للتخفيف من الأزمة الإنسانية عن سوريا، وبالتالي مناطق سيطرة النظام، جاء مقابل تنازل أو تعهّد بتنازل روسيا في العملية السياسية، على أن تفضي الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية المرتقبة للتوصّل إلى اتفاق على المبادئ الدستورية، وهو ما قد يلقى قبولاً بالنسبة للولايات المتّحدة. وأضاف "يُلاحظ أنّ روسيا حاولت توسيع قائمة الامتيازات لتشمل تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري، لكن ذلك لم يلقَ قبولاً لدى قطر التي أكّدت أنّ أسباب تعليق العضوية في الجامعة العربية ما تزال قائمة، وبالتالي حصرت المباحثات ضمن العملية السياسية والمساعدات الإنسانية". 
وعن استبعاد طهران من الاجتماعات، قال "مع أنّ الاجتماع الثلاثي يستبعد إيران، لكن روسيا حاولت إيصال رسائل طمأنة إليها بالتأكيد على أنّ هدف المنصة هو دعم مسار أستانة الذي تتواجد فيه إيران". 
وأضاف: في الواقع قد يكون الغياب الإيراني مردّه إمّا إلى تفاهم مشترك بين موسكو وطهران يقضي بفصل الملف السوري عن المفاوضات مع الولايات المتّحدة حول الملف النووي والعراق واليمن ولبنان، أو نتيجة عدم الرضى من إيران، التي لا ترغب في تقديم النظام السوري لأيّة تنازلات في العملية السياسية وغيرها. وأبدى المتحدث اعتقاده ان الاجتماع الثلاثي يشكل فرصة جديدة للخروج من الانسداد في الملف السوري، معتبراً أن ذلك يحتاج إلى خطوات تعزّز من الثقة بين الدول الضامنة سواء على مستوى العملية السياسية أو المساعدات الإنسانية. وانتهى المتحدث بالقول "ومع ذلك، يبقى التوصّل لحل سياسي مستدام أمراً بعيداً". 
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال إن بلاده تتفق مع تركيا وقطر على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، مشيراً إلى أن الوزراء الثلاثة أكدوا على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في إطار القرار الأممي رقم (2254). وقال إن البلدان الثلاثة تتخذ موقفاً مشتركاً إزاء وحدة الأراضي السورية وسيادتها، مؤكداً على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين. 
وأوضح لافروف أنه من الممكن عقد لقاءات مشابهة في المستقبل، قائلاً إن "النقاط المشتركة بين الدول الثلاثة ستكون ملحقاً مفيداً لمسار أستانة". 
المعارض السياسي دوريش خليفة اعتبر أن ثمة محاولة تقودها الدبلوماسية الروسية تلوح في الأفق من أجل خلق مسار جديد، مضمونه (تسول سياسي). وقال خليفة لـ"القدس العربي"، إن الروس لا يمكنهم إعادة تعويم نظام الأسد، في ظل الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعاني منه معظم السوريين، خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام. 
وفي العودة لزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دول الخليج العربي، يعتقد المتحدث بأنها تحمل هدفين، أولهما مفاوضة دول أوبك لرفع أسعار النفط، لأن الموازنة الروسية تعتمد على أسعار النفط والغاز حيث يعتبر انكماش الاقتصاد الروسي الأكبر خلال العقد الأخير. أما المغزى الآخر، فيطالبهم بمد يد العون لسوريا ككتلة جغرافية متكاملة، لأن (لافروف) يدرك أن الخليجيين لن يفتحوا خزائنهم في حال لم يتم الانتقال السياسي وفق القرار الدولي 2254. وهذا ما أكدته المملكة السعودية مراراً عبر وزير خارجيتها. وركز الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الأخير على مناقشة الملف السوري بالتفصيل. 
 
تكتيك جديد 
وفي رأي المتحدث، فإن روسيا في مأزق بسوريا، الأمر الذي يجعلها تفكر بجدية في الضغط من أجل تأجيل الانتخابات الرئاسية السورية، التي من المفترض إجراؤها في منتصف شهر نيسان/ أبريل حتى منتصف حزيران/ يونيو المقبل. ولكن في المقابل، من المتوقع أن يرفض حلفاء النظام – الإيرانيون هذا الاقتراح. 
ويبدو أن روسيا تخلق تكتيكاً جديداً، وتحاول إلقاء حجر في الماء الراكد، حيث يجمع مراقبون على أن يكون اللقاء قد أفضى عن تنازلات روسية حول العملية السياسية، تعهدت موسكو خلالها بدفع الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية إلى اتفاق على المبادئ الدستورية، وفي هذا الإطار تحدث الباحث الساسي فراس علاوي عن محاولة الدبلوماسية الروسية تحريك الملفات بما يخص الملف السوري، معتبرًا أن توقيت الزيارة يدل على أن روسيا تنتهج تكتيكاً جديداً في دبلوماسيتها بما يخص الشرق الأوسط. 
فبعد سلسلة الاستدعاءات والرحيل إلى موسكو التي امتازت بها الأعوام السابقة، حين كانت موسكو وجهة الدبلوماسية العربية إبان التدخل الروسي الكبير في سوريا، يبحث الآن رئيس الدبلوماسية الروسية وعرابها سيرغي لافروف في العواصم التي تناصب حليفه الأساس بشار الأسد العداء عن حل. وقال "علاوي" إن المأزق الروسي بدا واضحاً بعد فشله في دفع بعض الدول العربية لإعادة نظام الأسد للمحيط العربي بعد الفيتو الأمريكي على ذلك، ما دفع موسكو إلى البحث عن الربع ساعة الأخير ما قبل تقديم تنازلات مؤلمة في سوريا. وأضاف "السياسة الروسية على استعداد لتقديم بعض التنازلات هنا وهناك لدول إقليمية مقابل مشاركتها في إعادة الإعمار حتى لا تضطر للعودة إلى طاولة المفاوضات الأمريكية والتي ستخسر فيها كثيراً وفي أكثر من ملف أبرزها سوريا وأوكرانيا، الاقتصاد الروسي الذي يترنح تحت ضربات العقوبات الغربية والخسائر في سوريا، سيضطر لدخول حرب وسباق تسلح جديد في خطوة تحسب لترمب بإعادة الحياة للحرب الباردة وبالتالي إرغام الروس على سباق تسلح جديد بعد الانسحاب من معاهدة حظر الصواريخ". 
وحول هذه التنازلات الروسية قال المتحدث لـ"القدس العربي" "لايزال الوقت مبكراً لمعرفة ذلك لكن على ما يبدو أن وقت التنازلات قد بدأ، فلافروف يريد من الخليج المال والدعم الإقليمي مقابل تحقيق بعض المطالب في سوريا مثل إقصاء إيران وربما تغيير شكل النظام السوري وهو أقصى ما تستطيع روسيا تقديمه حالياً". واعتبر أن "الكرة الآن في الملعب العربي وخاصة الخليجي في تغيير قواعد اللعبة في سوريا واستعادة المبادرة عربياً في العراق وسوريا واليمن وتحقيق توازن ما بين الرغبات الروسية والإملاءات الأمريكية وبالتالي الوصول لحل يجعل من روسيا شريكاً غير خاسر لكنه غير رابح في سوريا. 
 
انتقال سياسي 
المعارض السوري عمر إدلبي اعتبر في اتصال مع "القدس العربي" أن التحرك الثلاثي، تقف وراءه قناعة روسية بأن الحل في سوريا لن يكون دون حوار ودعم حلفاء المعارضة، حتى لو توصلت موسكو إلى تفاهمات مع واشنطن. 
واعتبر أن لافروف سمع في الدوحة كلاماً واضحاً عن الاستعداد للمساهمة بوقف انهيار الدولة السورية (الوشيك) وفق خطة عملية تنفيذية واضحة؛ تفضي إلى تنفيذ كامل متدرج للقرار 2254، وبمرجعية أممية؛ لا علاقة لمسار أستانة بها. وأبدى المعارض السوري اعتقاده أن التنسيق الثلاثي الجديد فرصة ليخرج الروس من أزمة قد تورطهم أكثر في سوريا؛ ويدعموا حلاً سياسياً يقود للانتقال السياسي، ويخرج الأسد من السلطة، ويفتح أفقاً لإنهاء معاناة السوريين.