الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إعلام "داعش" يُسقط إعلام النظام في مزرعة الأبقار

إعلام "داعش" يُسقط إعلام النظام في مزرعة الأبقار

11.08.2014
علي العائد



المستقبل
الاحد 10/8/2014
وعود داعش لنفسها ولمناصريها تتحقق تباعاً، بينما يتبين مرة أخرى كذب رأس النظام، في وعده لنفسه ولمناصريه ولكارهي داعش.
داعش تتقدم في "الطريق إلى روما"، مسترشدة بوهمها، بينما "يجاهد" النظام لإيهام نفسه أن "شرعيته" مستمرة، وأن قوته على الأرض حقيقة، ولا يحتاج سوى إلى وقت قصير، كي تستتب له الأوضاع مرة واحدة وإلى الأبد.
داعش تقتل بالسيف، والنظام يقتل بالطائرات والبراميل المتفجرة. والنتيجة في الحالتين أن القتلى أبرياء، لم يُمنحوا فرصة إثبات إيمانهم أمام "محاكم" داعش، أو إثبات وطنيتهم أمام شبيحة النظام.
"أشباح"
في الأيام الأخيرة، قويت داعش أكثر، وقبل ذلك وعد رأس النظام، في خطاب القسم لولايته الثالثة في حكم سوريا، باستعادة "الرقة الحبيبة" من يد الإرهابيين، فأرسل طائراته، وصواريخ سكود، لكن أياً من الإرهابيين الذين استهدفهم لم يُصب بأذى، بينما أصيب الناس في بيوتهم ووهم نائمون، بل أصيب واستشهد مرضى في المستشفى الوطني، الذي تعرض للقصف للمرة الرابعة في عام.
وهذا ما جعل الناس يتندرون على الواقعة المتكررة أن الداعشي "شبح" لا تدركه قذائف النظام. فكل الضربات الجوية المتوالية في الرقة، منذ ورود أخبار احتلالهم الموصل ومدن أخرى في العراق لم يصب عنصراً واحد منهم، ما عدا أخبار غير مؤكدة عن مقتل 17 عنصراً منهم في كمين قرب الفرقة 17، قبل شهر، نتيجة خطأ في انسحاب مقاتلين من غير السوريين، توجهوا في انسحابهم إلى الشمال بدلاً من الجنوب.
الفرقة 17 أصبحت في يدي داعش بعد معركة لثلاثة أيام فقط، توجت بتفجير انتحاري، وقتل معظم من فيها من الجنود والضباط، ومن فر منهم إلى المدينة تمت ملاحقته وقطع رأسه، وتم تعليق ست رؤوس في ساحة السبع بحرات، وسط الرقة، ليراها ما تبقى من سكان المدينة الباقين كشهود على العهد الجديد.
ومقر الفرقة نفسها، كانت مزرعة للأبقار، في عهد صعود مشروع تنمية حوض الفرات، ببداية سبعينيات القرن الماضي، وتبين لاحقاً أن المشروع وعاء جديد لنهب البلاد وثرواتها، من قبل استعمار جديد، رفع لواء الوطنية، ومن ثم التقدمية، ومن ثم "الصمود والتصدي"، وأخيراً "الممانعة".
تحولت المزرعة، بعد أن جف الزرع والضرع، إلى مقر قيادة للفرقة، بعد الأزمة التي كادت تتحول إلى حرب بين سوريا وتركيا عام 1998، ولولا حكمة حافظ الأسد، لأمر رئيس الوزراء التركي آنذاك "مسعود يلمظ" جيشه باحتلال مزرعة الأبقار.
لم نكن نتخيل وقتها أن الفرقة منذورة لنصر داعشي.
تحولات الهتافات
تقول رواية أحد الناشطين السابقين في الحراك الثوري، في الرقة، إن هتاف "الشعب السوري ما بينذل" بمضمونه غير المسيس والبعيد عن أي صبغة أيديولوجية، يسارية أو يمينية، أو أي منحى ديني، لم يأخذ وقتاً طويلاً قبل أن يتحول إلى "هز كفك هزوا هز.. دين محمد كلو عز"، بالتزامن مع الهتاف الشهير في كفرسوسة في دمشق "قائدنا للأبد.. سيدنا محمد".
لم تكن التفسيرات للهتافين في وقتها تذهب إلى أبعد من أن النشطاء المتحمسين في معظمهم هم أناس بسطاء، وهم يخرجون بهتافاتهم بشجاعة وخوف معاً، ومثل هذه الهتافات كانت تزيدهم شجاعة، شأنها شأن التجمع الكبير الذي يعاضد أفراده بعضهم بعضاً.
وهذا التفسير ليس بعيداً أساساً عن تفسير خروج التظاهرات السلمية من الجوامع في أيام الجمع، ومن ثم في أيام مختلفة من الأسبوع.
الرقة كانت شتاتاً قبل الثورة، ولاتزال، وأهلها تحولوا في معظمهم إلى الشتات، داخل المحافظة، أو خارجها، بل خارج سوريا كلها لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً.
والرقة نفسها شهدت الحدث الأبرز وغير المتوقع بخروجها السهل بكل المقاييس من يد النظام، خصوصاً بعد أن صلى فيها بشار الأسد صلاة أول عيد في الثورة السورية، دلالة على اطمئنانه لأهلها، أو استخفافه بهم، أو لأنها مدينة صغيرة ومن السهل ضبط الأمن فيها، في وقت زيارته المفاجئة لها، بقصد الصلاة، وفقط الصلاة!
اقتصاد داعشي
الرقة محافظة زراعية مهملة من قبل ومن بعد، من إداراتها المحلية، ومن السلطة المركزية، ومن أهلها أنفسهم، حيث لا أثر لأي نشاط اجتماعي منظم، ربما لأن مثل هذه الأنشطة محاربة من النظام، لكن الحقيقة أعمق من ذلك، ولم تخرج عن هذه القاعدة سوى بعض الجمعيات التي تساعد الفقراء والمرضى بشكل دائم، أو موسمياً في شهر رمضان من كل عام.
مرتبة الرقة زراعياً تتراوح بين الثانية أو الثالثة على مستوى البلاد، حسب المواسم الزراعية، وهي المحافظة الثالثة في محافظات الجزيرة السورية بعد دير الزور والحسكة، وهي المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات، والتي تمتد إلى شط العرب، حتى أن سكان الأنبار أنفسهم يطلقون على غرب الفرات "الشامية".
الرقة نفسها لم تملأ عين النظام طوال حكم الأسدين الأب والابن، وبعد أن "تحررت" لم تملأ عين الائتلاف في عهدي معاذ الخطيب، وأحمد الجربا، ومن يدري إن كان هادي البحرة سيسترشد بسيرة سالفيه، لكنها ملأت عين الكتائب الإسلامية من أبناء المحافظة، ومن أبناء المحافظات الأخرى، قبل أن تملأ عين داعش بقوة، لتنقلب على كل هؤلاء، معلنة قيام "ولاية الرقة"، محتفظة باسمها كما هو، على عكس دير الزور، التي أخذت في تنظيم داعش اسم "ولاية الخير"، لأن كلمة "دير" ذات دلالة مسيحية، وأما "الخير" فلأن أغزر آبار النفط السوري تقع فيها.
الزراعة تراجعت بحدة في كل سوريا، ومنها الرقة، عاصمة داعش المؤقتة، وفي الأصل لم يكن في الرقة أي نشاط صناعي، وكانت تعتمد في تجارتها على "استيراد" ما تحتاجه من سلع صناعية من حلب القريبة منها.
الآن، وفي عهد "داعش"، من لا يدخل في دورة الاقتصاد الداعشي ليس له عمل، من لا يخيط لهم ثيابهم، ويصنع لهم الطعام السريع، وينفذ أوامر داعش بصناعة النقاب والعباءة للنساء، وفق تشريع داعش، لن يجد عملاً. وكذلك يحتاج مجتمع داعش إلى النفط المكرر بالطرق البدائية، وخلاف ذلك من احتياجات السنة الأولى من عهد داعش.
أبو شيماء والتونسي
أبو شيماء، سعودي، قدم إلى سوريا منذ أكثر من سنتين، حاملاً موازنته الجهادية المقدرة بمليون دولار، حسب أحد الناشطين.
وتروج شائعة أن بعض التونسيين المنخرطين في تنظيم داعش، حملوا إصابتهم بالإيدز وجاؤوا لـ"الجهاد" كي يكفروا عن ذنبهم، حسب فتاوى مشايخ. ومن جهة واقعية هم يستعجلون موتاً محققاً بالمرض، بموت له صفة القدسية : الاستشهاد.
ويوم الثلاثاء 29 تموز، صادف مرور عام على اعتقال الأب باولو، رجل الدين الإيطالي الذي ناصر الثورة السورية السلمية منذ بداياتها، حتى اضطر نظام بشار الأسد إلى اعتقاله لأيام ومن ثم إبعاده عن البلاد. هذا، بينما لاتزال الإشاعات تتأرجح بين قتله بعد شهر من اعتقاله على يد "أبو محمد الجزراوي"، وبين أنه لايزال حياً ومعتقلاً في مكان مجهول.
أما أعجب ما يرويه ناشط من الرقة، فحادثة "التونسي" الذي رأى إحدى تلميذات أحد المعاهد ترتدي جوارب ملونة تظهر من تحت عباءتها ذات الطول غير الكافي لتغطية الجوارب، ولما كانت التلميذة منقبة، لم يستطع التونسي التعرف عليها عندما دخلت البنت إلى المعهد واختفت بين العباءات، فنبهته المديرة بعدم جدوى البحث عن الفتاة في المعهد، فاكتفى بخطبة بليغة جداً، هدد فيها الفتيات إن هو رأى فتاة تلبس جوارب ملونة بأنه سيقطع رأسها، كما قطع رأسه أمه في تونس قبل أن يأتي إلى سوريا!