الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إعلان نصرة بشار الأسد!

إعلان نصرة بشار الأسد!

13.04.2013
باتر محمد علي وردم

الدستور
السبت 13/4/2013
منذ أكثر من سنتين لم يتلق نظام بشار الأسد خبرا وهدية أفضل من الإعلان الذي اصدرته جبهة النصرة الثورية قبل يومين عن اندماجها مع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. إذا كان ثمة خيار واحد أسوأ من بقاء نظام بشار الأسد في السلطة في سوريا فهو حصول تنظيم القاعدة على مساحة للعمل والتخريب والقتل في سوريا ما بعد سقوط النظام في سيناريو مشابه تماما للعراق بعد سقوط نظام صدام.
بالطبع احتفل أنصار النظام السوري بهذا الخبر وروجوا لنظرية أن النظام يحارب التطرف الآن (بعد الانتهاء من حربه مع إسرائيل!) وأن سقوطه يعني سقوط سوريا في مستنقع الجهل والتعصب والأصولية، وفي المقابل يقلل أنصار الثورة من إعلان جبهة النصرة ويقولون بأن الثورة سوف تؤدي إلى دولة مدنية ديمقراطية ولن تسمح لتنظيم القاعدة بالحصول على موطئ قدم. للأسف فإن الحقيقة هي في مكان ما بين الموقفين فالنظام هو الذي زرع الأرض لظهور تطرف القاعدة من خلال جرائمه الرهيبة بحق المدنيين السوريين منذ سنتين، والقاعدة لن تترك سوريا بسهولة وبدأت الآن بالسيطرة على المناطق الشمالية الشرقية من الدولة.
من المتوقع أن يصبح أطراف المواجهة الدموية في سوريا ثلاثة. النظامَ وآلته العسكرية القاتلة من جهة، ومقاتلي النصرة والإسلاميين من جهة أخرى والجيش الحر الذي يتكون من ضباط وعسكريين منشقين وثوار سوريين غير مؤدلجين. هذه المعادلة قد تقلب موازين القوة لمصلحة النظام خلال أشهر وفق بضع وسائل.
إذا بدأ الصراع بين الجيش الحر والقاعدة، فإن ذلك يعني إنهاك الطرفين لبعضهما والسماح للنظام بالعمل على توتير الأجواء بينهما واستعادة السيطرة على بضع مناطق استراتيجية سقطت مؤخرا في أيدي الثوار. العنصر الأساسي الآخر أن الدعم الشعبي السوري للثورة قد يتراجع خاصة لدى الطبقة الوسطى والمتعلمين والمثقفين وأصحاب التوجهات القومية والليبرالية والدينية المعتدلة؛ والذين لا يريدون التضحية بحوالي 70 ألف من الشعب السوري من اجل استبدال طغيان النظام بطغيان القاعدة الذي لا يقل هولا.
الثورة السورية تعاني من انقطاع ما بين المقاتلين في الميدان وما تسمى المعارضة السياسية في الخارج وهنالك توجهات مختلفة من قبل الثوار وهذا متوقع ولكن ظهور وجه القاعدة البشع سيعني تغييرا لا يستهان به في مواقف السوريين العاديين الذين يرفضون النظام ويتمنون زواله ولكنهم أيضا يريدون استمرار الدولة وعدم تمزيقها طائفيا وقوميا وعدم نشر الفكر التخريبي للقاعدة والتطرف الديني بديلا عن النظام.
إعلان جبهة النصرة قد يغير الكثير من المعادلات الإقليمية والسورية والدولية، وأية قرارات أو توجهات كانت مبنية على افتراض الوضع السابق ربما تكون بحاجة إلى إعادة تقييم، ولا مناص من إدخال عنصر ربما كان غائبا أو مرفوضا من قبل غالبية الناس في سوريا والعالم العربي وهو احتمال استمرار النظام لمدة طويلة. وإذا كان هذا سيحدث، فهو نتيجة تخوف الشعب السوري والقوى الإقليمية والدولية من تحول سوريا إلى أرض خصبة للقاعدة والتنظيمات الجهادية وفرض القمع الاجتماعي والثقافي والسياسي على الناس، وليس ابدا نتيجة شرعية النظام السوري أو حتى دعم حلفائه الإيرانيين بالمال والرجال والروس بالسلاح والمعدات!
من بين كل الرصاص الذي تم إطلاقه في سوريا، جاء إعلان جبهة النصرة، ليمثل أخطر رصاصة تطلق على سمعة الثورة السورية وفرصها في النجاح!