الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إغاثة في الكويت بانتظار حل في جنيف

إغاثة في الكويت بانتظار حل في جنيف

16.01.2014
طوني فرنسيس


الحياة
الاربعاء 15/1/2014
وسط المواعيد السورية المزدحمة يأتي المؤتمر الدولي الثاني لإغاثة الشعب السوري. ومثله مثل المؤتمر الأول، يعقد في الكويت، الدولة التي امتازت على مدى عقود، باستضافة لقاءات خليجية وعربية ودولية، كان الجانب الإنساني التنموي بارزاً فيها.
المؤتمر الثاني الذي يلتئـم اليـوم هـدفـه جمـع اكثـر من سـتة بلايين دولار قــدرت الأمـم المتـحدة أن الـنازحين، داخل بلـدهـم وإلى خارجـه، اضـافة إلى الـدول والمـجتمـعات المضيفة، سـيحـتاجونها لتأمين حـد مقـبـول من الرعاية لهم. وكان المـؤتمر الأول الـذي عقـد في الـكويت، قبل عام، اقر جـمع بليون و600 مليون دولار لضمان اعمال الإغاثة حتى حزيران (يونيو) الماضي، الا ان التعهدات المنبرية لم تترجم فوصل الرقم المحقق الى 68 في المئة من الهدف المعلن، فالمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات كانت الدول التي دفعت ما تعهدت دفعه، وهو ما كانت تتوقعه دوائر الأمم المتحدة سلفاً، حيث كان طموحها يقف عند حدود جمع 800 الى 900 مليون دولار.
منذ سنة ازدادت الأزمة الإنسانية في سورية حدة. اقفل عام 2013 على مليونين و300 ألف نازح الى دول الجوار، لتشير التوقعات، استناداً إلى احتدام المعارك على كل الأراضي الى احتمال ارتفاع العدد الى اكثر من اربعة ملايين مع نهاية العام الجاري سيخرجون الى البلدان المجاورة، خصوصاً لبنان والأردن، يضاف اليهم ضعف هذا العدد من المواطنين الذين يغادرون اماكن اقامتهم الى مناطق اخرى داخل البلاد، ما يعني ان نصف سكان سورية سيكونون، في ختام العام 2014، في وضعية اللجوء.
حجـم الأزمة لا يخفى على الأمم المتحدة وأجهزتها. تقول فاليري اموس وكيلة بان كي مون للشؤون الإنسانية، منسقة الإغاثة في حالات الطوارئ، ان الحالة السورية هي واحدة من ثلاث حالات طوارئ في العالم تهدد او تؤثر في حياة المواطنين هي اضافة الى سورية، افريقيا الوسطى والفيليبين. ما لم تقـله اموس ان الحالة السورية هي الأقدم والأشرس، لأنها مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، وهي الأشد وحشية، ويكفي للدلالة على ذلك حجم المساعدات الضرورية لمعالجتها. فالأمم المتحدة التي قدرت احتياجاتها المالية للمساعدة الإنسانية العالمية لعام 2014 بنحو13 بليون دولار، تطلب الى مؤتمر الكويت الحالي توفير نصف هذا المبلغ لسورية وحدها وهذا يظـهر حجم الكارثة الحاصلة في هذا البلد.
وتوضح اموس التي زارت دمشق عشية مؤتمر الكويت:" في سورية يحتاج تسعة ملايين وثلاثمئة الف شخص للمساعدات، ستة ملايين منهم نازحون، وأكثر من مليونين وثلاثمئة الف شخص غادروا البلاد كلاجئين في الدول المجاورة".
وتشدد على ان التمويل "الذي نحتاجه غير مسبوق".
قسم اساسي من التمويل المتوقع يفترض ان يذهب الى ثلاثة مواقع رئيسة، الأول الداخل السوري حيث لا يزال النظام يحاصر مناطق تضم مئات الألوف من المواطنين الذين يعانون الجوع والنقص في الأدوية ومنها ضواحي دمشق ومخيم اليرموك ومناطق في حلب والشمال، والثاني لبنان حيث فاق عدد اللاجئين المليون ومئتي ألف لاجئ يضاف اليهم اكثر من خمسين ألف لاجئ فلسطيني قدموا من سورية وآلاف اللبنانيين الذين غادروها وكانوا يقيمون على ارضها، والثالث الأردن الذي يستضيف نحو 600 الف لاجئ منهم 170 ألفاً يعيشون في مخيم الزعتري.
وليس خافياً حجم العبء الذي يتحمله لبنان مع تحول ربع سكانه الى لاجئين وهو الذي يجذب وفق احصاءات محترمة نحو40 في المئة من الهاربين من الحروب في الشرق الأوسط ( سوريين وفلسطينيين وعراقيين وغيرهم...)، وينتج من ذلك ضغط كبير على بناه التحتية غير الكافية وعلى سوق عمله وتركيبته السكانية والاجتماعية. وما يقال عن لبنان يقال عن الأردن ولو بنسبة مختلفة.
مع ذلك ورغم التفاوت في الأحجام والحاجات سيطلب الأردن من مؤتمر الكويت بليونين و400 مليون دولار، فيما يكتفي لبنان الذي يعيش من دون حكومة منذ عشرة اشهر بطلب بليون و700 مليون دولار، على ان الأرقام ليست كل شيء. فالمطلوب من الأمم المتحدة والدول المانحة ان تكون اكثر التصاقاً بعملية الإنفاق متابعة ومراقبة، ويفترض، ربما، بالكويت الدولة المضيفة للمؤتمر ان تولي هذا الجانب اهمية قصوى لتنشأ شراكة حقيقية بين الأمم المتحدة والدول المانحة والدول المضيفة والنازحين انفسهم، تتولى مسؤولية المواكبة والمحاسبة عن كل قرش يصرف تحت عنوان التضامن الإنساني.
علماً ان العمل تحت هذا العنوان لن يشكل حلاً جذرياً للمأساة . فالحل في النهاية هو حل سياسي، وسيكون لقمّة الكويت المانحة التي تصادف قبل اسبوع من مؤتمر جنيف كلمتها في اتجاه هذا المؤتمر، وفحواها: نحن نساعد وعليكم إقرار التسوية والحلول.