الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إلى أي مدى يمكن لتركيا تنفيذ تهديداتها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا؟

إلى أي مدى يمكن لتركيا تنفيذ تهديداتها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا؟

23.11.2019
إسماعيل جمال


القدس العربي
الخميس 21/11/2019
إسطنبول – "القدس العربي" : مع اتهامها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بعدم تنفيذ الاتفاقيات الموقعة معهما والتي تنص على سحب الوحدات الكردية من عمق 30 كيلومترا على طوال الشريط الحدودي السوري مع تركيا، عادت أنقرة للتلويح بالخيار العسكري وتنفيذ عملية عسكرية جديدة في شمالي سوريا.
ورغم تصاعد حدة التصريحات التركية ضد موسكو وواشنطن والتأكيد على إمكانية التحرك عسكرياً، إلا أن خريطة السيطرة العسكرية على الأرض والتغيرات السياسة والعسكرية المتسارعة تشير بوضوح إلى صعوبة تنفيذ هذه التهديدات على الأرض، باستثناء مساحة محدودة للمناورة العسكرية في محيط المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي شمالي سوريا.
ورغم إعلان الوحدات الكردية انسحابها من تلك المناطق، وإبلاغ روسيا تركيا رسيماً بتطبيق بنود الاتفاق، وإعلان تركيا "عدم الحاجة للقيام بعملية عسكرية جديدة"، إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى عكس ذلك تماماً، وتؤكد المصادر التركية أن الوحدات الكردية ما زالت تنتشر في الكثير من المناطق الحدودية وأن تحصيناتها لم يتم تدميرها بعد، وأن لا شيء تغير في منبج وتل رفعت.
وفي جلسة برلمانية، الاثنين، قال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، إن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لم تقوما بما يلزم بموجب الاتفاقات حول شمالي سوريا. وأكد جاوش أوغلو أنه "في حال عدم الحصول على نتيجة بخصوص تطهير شمالي سوريا من تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابي فإن تركيا ستقوم بما يلزم مجددًا كما فعلت عندما أطلقت عملية نبع السلام"، مضيفاً: "ليس هناك خيار آخر، حيث يتعين علينا تطهير التهديد الإرهابي المجاور لنا".
كما جرى في العمليات السابقة، تواجه أي عملية عسكرية تركية جديدة في سوريا معارضة سياسية كبيرة من أطراف دولية مختلفة، لا سيما من روسيا وأمريكا اللتين تمتلكان النفوذ العسكري الأكبر في تلك المنطقة، وبينما تلوح أمريكا بالعقوبات على الدوام، تخاطر أنقرة هذه المرة بالاصطدام مع روسيا.
ومن شأن أي عملية عسكرية تركية جديدة أن تعيد الخلافات مع واشنطن إلى الواجهة بقوة ما يعني عودة خطر العقوبات كافة التي بدأت واشنطن فعلياً بمراحل تطبيقها ضد تركيا، وبالتالي انهيار كافة التوافقات -وإن كانت محدودة- التي توصل إليها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في لقائه الأخير مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب. وعلى الجانب الآخر، تواجه تركيا مجدداً خطر المواجهة السياسية مع روسيا التي كانت تدعم سابقاً التحرك العسكري التركي شرق نهر الفرات لضرب التواجد الأمريكي هناك.
والثلاثاء، قالت روسيا إن تعهد تركيا بالقيام بعملية جديدة في شمال سوريا أثار دهشتها، وحذرت من أن مثل هذه الخطوة ستضر بجهود تحقيق الاستقرار في المنطقة.
عسكرياً على الأرض تبدو الأمور أعقد من السابق، فبعد أن كانت السيطرة في شرقي نهر الفرات شمالي سوريا تنحصر بالقوات الأمريكية والوحدات الكردية، باتت اليوم روسيا تتواجد بشكل مباشر في مناطق واسعة إلى جانب قوات النظام السوري التي تتجنب تركيا على الدوام الصدام المباشر معها.
وفي ظل هذه المعيطات، يبدو احتمال أي تحرك عسكري تركي واسع شرق الفرات معقداً جداً وضئلاً للغاية، باستثناء المحاولات التركية التي لم تتوقف لتأمين حدود "منطقة نبع السلام" وهي المنطقة الممتدة على طول 120 كيلومتر وعمق 30 كيلومترا بين رأس العين وتل أبيض، إلا في حال حصول تحولات جديدة كبيرة تتعلق بانسحاب جديد للقوات الأمريكية بتنسيق مع تركيا وليس روسيا كما جرى في الأسابيع الماضية.