الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إلى متى هذه الكارثة؟

إلى متى هذه الكارثة؟

20.05.2014
عبدالعزيز التويجري


الحياة
الاثنين 19/5/2014
إلى متى ستستمر الكارثة الإنسانية في سورية؟ ومن يتحمَّل مسؤولية الخراب الهائل والدمار الواسع والقتل الذي لا يتوقف والتهجير القسري المستمر للمواطنين السوريين، سواء إلى خارج الحدود، أو إلى مناطق في الداخل يتوقعون أنها آمنة، بينما لا يوجد شبر واحد آمنٌ من الأرض السورية؟
المجتمع الدولي برمّته مسؤول، ويتحمّل مجلس الأمن نصيباً وافراً من المسؤولية، من دون إعفاء الأمين العام للأمم المتحدة منها؛ لأن القرار الرقم 2139 الصادر عن مجلس الأمن، يتيح له أن يتحرك سريعاً في الاتجاه الصحيح لإغاثة الشعب السوري بإدخال المساعدات الإنسانية إليه من دون إذن من النظام. ولكنه لم يفعل. وروسيا تتحمّل القسط الأوفر من المسؤولية، لأنها تدعم النظام دعماً متواصلاً وتحميه في مجلس الأمن وتمدّه بالسلاح وبالخبراء، ومن جملة ذلك، البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية التي هي من صنع روسي ويستخدمها النظام الإجرامي ضد الشعب السوري. أما إيران فتخوض معركتها فوق الأرض السورية، وهي صاحبة الحول والطول والقوة والنفوذ في ذلك البلد الذي أصبح خاضعاً لها بما يرقى فوق كل الشكوك، ومما يؤكد أن إيران باتت دولة محتلة لسورية، ولربما أمكن القول، استناداً إلى ما يجري على الأرض، إن لبنان هو الآخر صار واقعاً تحت الهيمنة الإيرانية، التي هي شكل من أشكال الاحتلال، من خلال النفوذ الواسع غير المحدود لـ "حزب الله" الذي يتصرف باعتباره "المندوب السامي". ووفق ما صرح به الجنرال يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، فحدود إيران الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر جنوب لبنان.
ما يجري في سورية كارثة عظمى بكل المقاييس لم يعرف العالم مثيلاً لها. فهذا بلد بكامله يدمّر تدميراً، وشعب يُقتل بمختلف الأسلحة ويهجّر، ويعيش ما بقي منه صامداً في وطنه، تحت ظروف شديدة البؤس والقمع والتنكيل والحرمان، بينما العالم كله يقف عاجزاً عن التحرك من أجل إنقاذ هذا الشعب من أهوال هذه الكارثة، في حين يتحدى الرئيس السوري الطائفي المجتمعَ الدوليَّ برمّته، ويعلن نفسه مرشحاً لولاية ثالثة حتى يواصل مسلسل ارتكابه للجرائم البشعة.
أما الموقف الذي تتخذه الدول العربية والإسلامية من هذه الكارثة، فهو مما تَحَارُ في فهمه العقول. ولولا أن المملكة العربية السعودية ما فتئت تعلن رفضها المطلق للهيمنة الإيرانية على سورية، وتحذر من النتائج الخطيرة التي سيفضي إليها، وتدين بشدة وبالوضوح الكامل، الجرائمَ التي يرتكبها النظام السوري، وتساند بقوة، المعارضةَ السورية الممثلة بالائتلاف الوطني، وكذلك تفعل تركيا، لولا ذلك لكان في الإمكان أن نحكم على الموقف العربي الإسلامي بالشلل. ودع عنك جامعة الدول العربية، فهي عاجزة عن تفعيل ميثاقها وتنفيذ القرارات التي اتخذتها من قبل بجلوس ممثل المعارضة في المقعد السوري الشاغر.
هذه معضلة بالغة الخطورة غير مسبوقة، تفوق في مضاعفاتها وتأثيراتها، معضلة الاستعمار الذي جثم على صدر العرب والمسلمين خلال المراحل السابقة. فهذه دولة عربية إسلامية تتهاوى وتنهار وتسقط تحت احتلال دولة تدّعي أنها إسلامية، أمام مرأى ومسمع من العالم بأسره.
فما المخرج إذاً من هذه الكارثة المدمرة؟ إن خطورة الوضع المأسوي، وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية غير المشجعة على إيجاد حل سياسي للأزمة، تستدعي أن تتنادَى دول منظمة التعاون الإسلامي لعقد مؤتمر قمة تكون في جدول أعماله الأزمة السورية تحديداً، لا تزاحمها أزمات أو قضايا أخرى مهما تكن وعلى رغم كثرتها، وذلك من أجل اتخاذ القرار الحاسم المناسب وإعلان الموقف الحازم إزاء ما يجري في سورية، وتوجيه النداء إلى المجتمع الدولي للتحرك السريع ولتحميله المسؤولية في الكارثة العظمى التي دمرت سورية، والتي تمثل أزمة إنسانية بكل المقاييس.
إيران هدفها الأول الهيمنة على العالم الإسلامي من خلال تصدير مذهبها وتوسيع مجال نفوذها، وهي أعلنت ذلك من دون تردد. فما هي استراتيجية الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لمواجهة هذا العمل المخالف لميثاق هذه المنظمة، والمضرّ بمصالح العالم الإسلامي؟ وهل يُنتظر سقوط سورية ولبنان كما سقط العراق من قبل في أيدي إيران، ليتبين لمن بيدهم الحل والعقد، خطورة الوضع وسوء المنقلب؟