الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إنها ثورة فاضحة!

إنها ثورة فاضحة!

18.01.2016
إسماعيل ياشا



العرب
الاحد 17/1/2016
اختيار الأسماء لإطلاقها على الأحداث غالبا ما يعبر عن آراء الناس في تلك الأحداث، ويعكس طبيعة مواقفهم منها، ولذلك قد يختلف الاسم الذي يطلق على حدث واحد من شخص إلى آخر حسب تصوراتهم وقناعاتهم، وفيما يراه أحدهم "ثورة" أو "جهادا" أو "مقاومة" يسميه الآخر "إرهابا".
الثورة السورية منذ انطلاقها لإسقاط نظام الأسد أطلقت عليها أسماء مختلفة في تقارير وسائل الإعلام وخطابات السياسيين، واتفق المتعاطفون مع نضال الشعب السوري في تسميتها "ثورة شعبية" ضد النظام الدكتاتوري الطائفي يقوم بها السوريون من أجل الحصول على الحرية والكرامة.
بين "الثورة" و "الإرهاب" أسماء أخرى أطلقت على نضال الشعب السوري، مثل "الحرب الأهلية" و "الحرب الطائفية" و "الحرب بالوكالة"، ومعظم من يطلقون هذه الأسماء على ما يحدث في سوريا لا يقفون إلى جانب الشعب السوري وغير مقتنعين بأنه يقوم بثورة ضد الظلم والطغيان، ولكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يظهروا أنفسهم مؤيدين للنظام الذي تجاوزت دمويته كل الحدود.
نائب رئيس الوزراء التركي والناطق باسم الحكومة التركية نعمان قورطولموش في تعليقه على التفجير الانتحاري الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي في منطقة السلطان أحمد باسطنبول، قال إنه إحدى نتائج الحرب بالوكالة في سوريا. وهذه التصريحات أثارت استياء في صفوف المؤيدين للثورة السورية، فيما اعتبرها الشبيحة الأتراك اعترافا من الحكومة التركية بأن موقفها من أحداث سوريا كان خاطئا.
ومن المؤسف أن يتحدث قورطولموش بلسان هؤلاء الذين يتهمون تركيا بصب الزيت على النار وتأجيجها بسبب موقفها الداعم لثورة الشعب السوري.
لو كان قورطولموش مجرد نائب في البرلمان لكان الأمر أهون، ولكنه يتربع على كرسي نائب رئيس الوزراء بالإضافة إلى كونه ناطقا باسم الحكومة، وبالتالي يطرح هذا السؤال نفسه: "هل تصريحات قورطولموش مجرد سبق لسان أو رأيه الشخصي أو يعبر عن رأي الحكومة؟".
موقف رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان من الثورة السورية واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، ولا يختلف موقف رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أيضا من موقف أردوغان الداعم للثورة، ولكن تصريحات قورطولموش الأخيرة توحي بأن هناك خلافا في داخل الحكومة التركية حول حقيقة ما يحدث في سوريا. ولو كنت صحافيا يقابل داود أوغلو لسألته عن رأيه فيما قاله نائبه، وهل يرى هو الآخر أن أحداث سوريا ما هي إلا حرب بالوكالة؟
لماذا يصر قورطولموش على تصوير الثورة السورية كحرب بالوكالة؟ ولماذا يعتقد بأن الفصائل السورية وكلاء هذه الدولة أو تلك؟ وهل الشعب السوري في نظره مسلوب الإرادة ومجموعة مرتزقة لا تتحرك إلا من أجل مصالح القوى الإقليمية والدولية؟
إنها ثورة فاضحة أسقطت أقنعة كثيرة وكشفت عن زيف شعارات كانت تخدع الناس حتى الأمس القريب، ومهما اختلق من أسماء أخرى فستبقى ثورة مجيدة يقوم بها الشعب السوري الذي خرج لإسقاط النظام.