الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إنهم يسبحون في دمائنا!

إنهم يسبحون في دمائنا!

20.02.2016
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الخميس 18/2/2016
لعلّ في هذه المِحنة الرهيبة التي يعيشها السوريون منذ خمس سنوات من الحرب الظالمة عليهم ألف درس ودرس ومِنحة ومِنحة، ولا تزال هدايا الأخيار تأتي من المَكارِه فيصبرون فيُجازَون بالجنة التي حُفّت بها، بينما حفّت النار بالشهوات، هذا من جهة، أما من طرف آخر فقد تنهال المصائب على أناس بسبب إصرارهم على الذنوب التي تهدم الديار والشعوب إن لم تتب إلى علّام الغيوب كما قال تعالى (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) الشورى: 30 وذلك لهدف النظر في عواقب ذلك ومعرفة تبدّل الأحوال والسخط على الأقدار دون رضا بالقضاء الذي هو من أهم أركان الإيمان، ولذلك فإن من يصعد كثيراً يهبط، والتاريخ شاهد، خصوصا إذا كانت المخالفات الشرعية من نوع ما يعاند الله، فالحذرَ الحذرَ من الخطايا دون إنابة، فإنه تنزل بسببها البلايا والكوارث، ويُمتحن الناس بالبأس فيما بينهم، وقد ابتلينا نحن السوريين بالطغاة، خصوصا الأسد الأب ثم ابنه وطائفتهما ورُكُون بعض منسوبي العلم إليهم وغفلتهم عن رب العالمين، مثل مفتي مدينة حلب الذي قال مؤخراً: إن الثورة السورية كانت كذبة كبرى، وأيّدَ الدكتاتور الطاغية ومن يساعده من الروس والجيش من حُماة بشار، بل وزكّى فعله بعض المشايخ ممن يسيرون حسب الموجة! على أننا لا ننسى في هذا الصدد- خصوصا- بعد تدخل الاحتلال الروسي الوحشي- كعادته- والذي يريد
" بوتين " به أن يُعيد طغيان القياصرة والسوفييت، بوتين الذي ولَغَ في دماء المدنيين والأحرار في سوريا حتى الثمالة! لا ننسى أن نذكّر أهل حلب وريفها وأهل درعا وريفها، بل ودمشق وريفها وحمص وحماة ومعرّة النعمان وأريافها.. بأن الهدف من خلقنا في الحياة إنما هو الابتلاء ( خلق الموت والحياة ليبلوكم... ) الملك: 2 ( ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوَ بعضَكم ببعض والذين قُتلوا في سبيل الله فلن يُضلّ أعمالهم، سيهديهم ويصلح بالهم، ويدخلهم الجنة، عرّفها لهم) محمد: 4-5-6 وكما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ( إذا أحبّ اللهُ عبداً ابتلاه ) أليس الأنبياء قد ابتُلوا! وهذا ما جرى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم غزوة أُحد إذ كُسرت رباعيته وسال الدم من قدميه في هجرة الطائف، وخُنق عند الكعبة وحاولوا اغتياله فحماه الله منهم..وذلك من أجل أن نستهين بحوادث الدنيا ونتفكّر في حوادث الآخرة، وليس من التكاليف أصعب من الرضا بقضاء الله، وكما يقول ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر: إن الزمان لا يثبت على حال، فتَارةً يفرح الموالون وتارةً يشمت الأعادي، والحرب سِجال، وقد ثبتَ إخواننا في حلب وريفها حتى لم يتركوا قرية ك(تل رفعت) مثلاً إلا بعد أن أعطوا المعتدين الروس وبقايا اللانظام والميليشيات الشيعية من الحرس الثوري وحزب الشيطان دروساً في المقاومة والثبات، وجزموا أنه لابد من العودة بإذن الله، ومعنوياتهم عالية تماماً والحمد لله. وأما الظالمون الطغاة فسيرحلون إلى مزابل التاريخ كما رحل غيرهم قبل، ونُكِبوا مرات وتعرّضوا للعجائب التي ساقها المؤرخون، إذ لكل ظالم نهاية بسوء المصير، ولابد من إدامة الصبر والمصابرة والاصطبار حتى قيام الساعة، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كلما ضاق الكرب اقترب الفرج. وكما قال الأصوليون: إن الأمر إذا ضاق اتسع.( حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) البقرة: 214. وقد عدّ كثير من الفقهاء أن اليأس من مغفرة الله وفرج الله ونصر الله كفر كما في قول يعقوب عليه السلام لأبنائه في القرآن ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) يوسف: 87، وعدّ فقهاء آخرون أن هذا اليأس والقنوط من أكبر الكبائر، وهكذا فإن تسلط الكفار على الأنبياء والمؤمنين ابتلاءٌ، وسيبقى المبطلون خاسرين مهما تجبروا :
رأيتُ الله أكبرَ كلّ شيءٍ مقاومةً وأكثرَهم جُنودا
فمن تفكّر في عظمة الله لم يضرّه كيدهم شيئاً ( قال أصحاب موسى إنا لمدركون، قال كلا إن معي ربي سيهدين..)الشعراء: 61-62 ( إنا من المجرمين منتقمون ) السجدة: 22، سيّما أنهم يتهمون أهل الحق بالإرهاب:
ولا خيرَ في الدنيا ولا في حقوقِها إذا قِيل طُلابُ الحقوقِ بُغاةُ!
فتعساً للروس والإيرانيين ذيول إسرائيل، وبئست أمريكا التي تتآمر معهم على شعبنا وأرضنا، ويدّعون أنهم يصلحون وهم يسبحون في دمائنا..ويستخدمون السفاح أداة طيعة في أيديهم للتقتيل والتشريد خصوصا النساء والأطفال. فياأيها المهاجرون عليكم بالعمل في أي شيء أنتم وأبناؤكم كما هو شأن العصاميّين حتى تعودوا إلى سوريا إن شاء الله كما قال السعدي:
أرى كَّل من بالكدح يدرك خبزه فليس بمحتاج لمِنّةِ حاتمِ