الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران.. الوضوح في الرؤية.. أم مبدأ "التقية"؟!

إيران.. الوضوح في الرؤية.. أم مبدأ "التقية"؟!

04.06.2014
يوسف الكويليت



الرياض
الثلاثاء 3/6/2014
إيران التي عاشت مراحل حكومات "رفسنجاني وخاتمي ونجاد" مرت بحالات التوجه "البراجماتي" والمتشدد، ومجيء روحاني للسلطة قد لا يكون الفصل الأخير في مدرسة السياسة الإيرانية المعاصرة، فقد صار حافز المعارضة الداخلية إعلان صوتها أمام حالة الاستنزاف للموارد الوطنية التي ذهبت لتعميم الثورة عالمياً، وتكاليف المشروع النووي الذي تسبب في حصار اقتصادي لا تقوى عليه دولة لاتزال في حزام العالم الثالث تذهب ميزانياتها للتسلح على حساب قوت المواطن..
فالظواهر تكشف عن أن الجيش والحرس الثوري على خلاف حاد حيث استأثر الأخير بمشاريع الدولة ومداخيلها وسلطتها الأمنية، وهمّش أي دور للجيش ما أفرز تعارضاً في تحديد مهمة كل منهما ودوره التقليدي والعملي، ولم يخف الصراع أن روحاني يعد من صفوف الجبهة المعتدلة التي ترفض هيمنة المرشد والحرس الثوري على الدولة بداعي الخلط بين سلطة روحية تستمد سيادتها من الرب، تساندها قوة تخضع لتلك الإرادة المقدسة، وهذا التعاطي مع دولة تبحث عن تعديل مسار علاقاتها الدولية والتي شوهتها صورة نجاد بشكل مطلق، ترغب أن تلعب هذا الدور بدون وصاية المرشد وجبروت حرسه..
ما يعنينا أن المجريات للأحداث الداخلية الإيرانية شأن خاص، لكن وجود مؤشرات برغبة التقارب مع دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً من حكومة روحاني هو أمر مرحب به إذا كان بالفعل رغبة مدفوعة بتسويات ملزمة بحيث لا تكون "التقية" هي من يبني مراسيم هذه العلاقة وفق هدنة مؤقتة ثم تعود إلى إشعال نيران الخلافات من جديد..
واقعياً هناك مصالح عليا تدار عليها أي اتفاقات، وكل من الطرفين يفهم فوائدها اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، لكن محددات الرغبة لابد أن تؤسس على فهم مشترك بأن نزعة القوة، واستعراضها في كل مناسبة لا يبنيان ثقة تؤدي إلى صياغة "بروتوكول" تعامُل صادق ومفتوح، لأن كل الخلافات والحروب التي عصفت بالعالم تناست تلك المآسي لصالح خلق معايير للسلام والتعاون واحترام السيادة لكل بلد ضمن قوانينه وحقوقه..
دول الخليج العربي، بدأت بمبادرات حقيقية توجت بزيارات على أعلى المستويات زمن الزعامتين ما بعد الخميني، وكانت هناك فرص ممتازة لتأكيد دور الطرفين وضرورة إنشاء منظومة عمل إيجابي، غير أن إيران خالفت هذه القاعدة، وحولت الأمر إلى محاولة بسط نفوذ معلنة على العراق وسورية ولبنان، وتحالف مع الحوثيين في اليمن لزعزعة الوضع هناك، ثم توظيفهم لخلق زوابع في الدول الخليجية، وهو الذي لا تستطيع أي حكومة متطرفة أو معتدلة إيرانية إخفاءه، وبالتالي فإن أي عودة للتعامل بشكل مطلق سوف تخضع لفتح ملفات تلك الدول ومؤثراتها على الأمن العربي برمته، وحتى إيران إذا كانت تعتقد أنها قوة محور تستطيع جعل تلك الدول تسير وفق مشيئتها فإنها تجهل طبيعة الصراع ذاته وانعكاسه سلبياً عليها، وتدرك أنها حالة استنزاف لها ولتلك الدول التي تجري في سياق المجهول، والأعباء قد تهدد أمن إيران نفسها، تماماً مثلما أسقطت أفغانستان الاتحاد السوفياتي، وأنهت سلوك الحروب الأمريكية لصعوبة الاستمرار في سياسة عبثية، وهما الأقوى في تحمل مسؤوليات كهذه، ولذلك فإيران محتاجة إلى قراءة الواقع بشكل منطقي، حتى تستطيع خلق ظروف إيجابية لتحسين سمعتها في محيطها وخارجه، ونسيان إقامة الامبراطوريات العظمى فقد انتهت مع بريطانيا ولن تتحقق مع غيرها.