الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران دولة على هامش جنيف 2

إيران دولة على هامش جنيف 2

11.01.2014
اليوم السعودية


الجمعة 10/1/2014
أفاقت الإدارة الأمريكية أخيرا من كبوتها السياسية، عندما اعتقدت أن علاقتها مع إيران ستكون إضافة استراتيجية، ورغم أن الأمريكان أيضا، وضعوا شروطا لهذه العلاقات، إلا أنهم أيضا ليسوا أغبياء ليفقدوا أصدقاء مجربين، وليفقدوا قوة اقتصادية، بدأت تتلمس إعادة ترتيب علاقاتها الخارجية، على وقع السياسة الأمريكية في المنطقة.
بالأمس القريب، قال السفير الأمريكي روبرت فورد، وهو شخصية استخباراتية ومتخصصة في شؤون الإرهاب والحركات الإسلامية: لا مستقبل للأسد في أية ترتيبات سياسية قادمة، وإن جنيف2 يجب أن يأخذ بما جاء به جنيف1، بإقامة حكومة انتقالية تنفيذية، وألا يكون للأسد دور في صياغة المستقبل السياسي لسوريا.
في ذات الاتجاه، يقف الكونجرس بقوة لضبط ساعة الإدارة الأمريكية، وسياساتها الشرق أوسطية، ولهذا سارعت واشنطن، لإعادة نظم علاقاتها مع دول الخليج، ورتق ما فسد منها، خلال الأشهر الماضية، والدخول في اتصالات وتفاهمات، أزالت اللبس بين الطرفين، والاسهاب الكبير الذي تناولت فيه وسائل الإعلام هذه الاختلافات في وجهات النظر، لتقرر الإدارة الأمريكية ووزارة الدفاع إمكانية التعاون العسكري مع دول الخليج مجتمعة؛ لشراء منظومات دفاع جوي وصواريخ باليستية، ويعد ذلك اقرارا بالموقف الخليجي الداعي إلى توحيد الجهود والاستراتيجيات العسكرية والأمنية، كما جاءت به مقررات مؤتمر الكويت للتعاون الخليجي.
ولم تكتف الرسائل الأمريكية بهذا الشأن فقط، بل هناك حديث عن استثناء لإيران عن حضور مؤتمر جنيف 2، وذلك لكونها طرفا مشاركا في عمليات القتل والدم، وهو شرط من شروط المعارضة السورية؛ بينما يرى الأمريكان أن بمقدور إيران الحضور، ولكن على هامش المؤتمر، مما أزعج الإيرانيين الذين استماتوا للاعتراف بهم كقوة إقليمية مؤثرة في الأمن والاستقرار الإقليمي، واعتبروا ذلك شرخا في كرامتهم، لا.. بل إن غيهم وغطرستهم دفعت بهم للقول بأن لا حل سياسي في سوريا دون مشاركتهم، ليكتشف العالم عظم الدور الإيراني المؤثر في زيادة دوامة العنف والموت في سوريا.
استثناء إيران من جنيف2؛ يؤكد أن المرحلة السياسية السورية القادمة، ليس للأسد فيها وجود، وأن إيران إذا ما رغبت المشاركة في المؤتمر، فإن عليها أن توافق على هذا التوجه، ولعل التسريبات السياسية تؤكد وجود مسعى إيراني حثيث لدى الإدارة الأمريكية لجهة عدم استثنائهم، وألمحت هذه التسريبات الدبلوماسية إلى أن الإيرانيين لا يرون في الأسد خطا أحمر.
الإيرانيون قد يجدون أن تحقيق النجاح على عدة جبهات، أمرا فيه كثير من الصعوبة، فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يواجه سنة العراق، ويعيد إحياء القيم الطائفية البغيضة؛ لأجل البقاء في سدة الرئاسة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك باستخدام القوة، وقد يؤدي استخدام القوة إلى تقسيم العراق، في وقت تستشعر إيران قوة المتغيرات الجيوسياسية وتأثيرها مستقبلا في الأمن الإيراني، وهي في وارد تقديم تنازلات في سوريا؛ لضمان بقاء المالكي، وعدم سقوط حسن نصر الله في لبنان.
واليوم وبعد انخفاض منسوب العنف، وتراجع مراكز القوى الراديكالية المتطرفة في سوريا، وبخاصة بعد انكشاف تنظيم داعش وعلاقته ببغداد وطهران، وحاجة المالكي له في الانبار، وبناء الجبهة الإسلامية تحالف عريض بين مختلف التنظيمات، وعلى قاعدة خروج الأسد أولا، وفي ظل عدم قدرة الأسد على فرض متغير داخلي لصالحه، فإن الذهاب إلى جنيف2، يؤكد وبما لا يقبل الشك، بأن الأسد والتنظيمات المتطرفة ليس لهم وجود في الترتيبات المقبلة، كما أن حزب الله أصبح يداري فشله، وربما أيضا تغير طبيعة الدور، وفقا للتفاهمات الأمريكية الإيرانية.
 ولهذا، وبشكل استباقي، وبما يوحي باحتمالات لجوء الاستخبارات الإيرانية للعنف والتفجير في لبنان، كانت القراءات الإيرانية تشير إلى احتمالات تصاعد العنف في لبنان خلال الأيام القادمة.
بالطبع، فإن العنف مرتبط بما يجري في سوريا وانعكاساته على حزب الله، ومرتبط بالترتيبات السياسية في جنيف2، واللجوء الى العنف هو مفاوضات سياسية ولكن بلغة دموية، وهي رسائل يفهمها الغرب، ودول المنطقة، لكنها رسائل تعبر عن حالة من الفشل السياسي الذريع، ولعل إيران تتوصل إلى حقيقة بأن ادامة التوتر والعنف في المنطقة، لن يكون مضمون العواقب، وأن التداعيات على إيران ستكون غير مسبوقة هذه المرة؟