الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران ستُفاوض طويلاً

إيران ستُفاوض طويلاً

13.12.2020
مهند الحاج علي



المدن
السبت 12/12/2020
"سنُعيد إيران إلى الصندوق". هكذا اختصر جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي لدى الرئيس المنتخب جو بايدن، المقاربة الأميركية حيال الملف الإيراني. تريد الولايات المتحدة العودة الى الاتفاق النووي مع إيران لتحييد هذا التهديد ووقف الانتشار النووي الحاصل في المنطقة (تركيا ومصر وفي الخليج أيضاً). إلا أن الجانب الإيراني واضح أيضاً حيال رفضه أي شروط للعودة الأميركية للاتفاق، بل يريد رفع واشنطن العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على إيران، قبل العودة للاتفاق.
ولكن هذا الواقع كان قبل اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده. بعد الاغتيال، تُسرع إيران الخطى في برنامجها النووي، للانتقال الى مرحلة جديدة تُعزز فيها موقفها التفاوضي. على سبيل المثال، رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ربط بين اغتيال فخري زاده وبين "كسر القيود التي كانت تعرقل القطاع النووي". ذلك أن البرلمان صادق على مشروع الخطة الاستراتيجية لإنهاء الحظر في أعقاب الاغتيال، بعدما كان مؤجلاً رغم ادراجه "على جدول أعمال اللجنة البرلمانية المتخصصة منذ 4 أشهر".
الخطة الاستراتيجية لإنهاء الحظر عملياً تفتح الباب أمام التصعيد مع المجتمع الدولي على مستويين في المشروع النووي الإيراني. أولاً، يطلب القانون الذي أُقر بـ251 صوتاً مقابل 290، تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة على الأقل وتخزين كميات أكبر منه، علاوة على تعزيز أعداد أجهزة الطرد المركزي في المفاعلات الإيرانية. هذه نقلة نوعية في البرنامج النووي، سيما بعد التراجع الذي أعقب توقيع الاتفاق في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وثانياً، ينص القانون الجديد على بروتوكول لانسحاب ايران من معاهدة حظر الانتشار النووي خلال شهرين في حال لم تتخذ الدول المشاركة في الاتفاق النووي، خطوات لاعادة النظام المصرفي ومبيعات النفط الإيرانية الى طبيعتها. طبعاً، هذا يعني وقف زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإنهاء أي رقابة على المشروع النووي الإيراني.
وهذه خطوة تصعيدية تنقل المواجهة بين ايران والعالم الغربي في خصوص المشروع النووي الإيراني، إلى مستوى آخر، وقد تستدعي ردوداً عنيفة من المجتمع الدولي.
على المستوى الداخل الإيراني، ليست الرئاسة والحكومة على صفحة واحدة مع مجلس الشورى بقيادة قاليباف (التيار المحافظ، ومن متقاعدي الحرس الثوري)، وهذا ما عبّر عنه الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، حين أكد عدم موافقة الحكومة على قانون الشورى لأن الخطة "غير ضرورية وغير مفيدة".
من غير المستبعد أن تكون الخطوة الإيرانية محاولة لتسجيل نقاط في مرمى الخصم، واستغلال اغتيال فخري زاده لتعزيز الموقف التفاوضي لإيران قبل أقل من شهرين من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 الشهر المقبل.
والحقيقة أن إيران تفرض اليوم شرطاً أساسياً هو رفع كل العقوبات الأميركية والعودة الى الاتفاق النووي، قبل أي مفاوضات بأي شأن آخر. والأرجح أن مثل هذا الموقف غير قابل للتعديل، سيما أن لدى طهران اليوم أوراقاً كافية من تعرضها للاعتداء في عهد ترامب، وتلويحها الدائم بالرد، إلى التقدم مجدداً في البرنامج النووي، بما يتيح التفاوض من دون الخوض في الدور الإقليمي لإيران أو برنامجها للصواريخ الباليستية.
لكن هل يقبل الرئيس جو بايدن وادارته بالعودة للاتفاق دون التفاوض على هذه الملفات؟ لا يوحي هذا المسار بالعجلة بل قد يستغرق شهوراً طويلة. كما أن النتائج ليست مضمونة، بل قد نشهد تصعيداً في المواقف وأحداثاً سياسية تُعرقل العودة للعمل بالاتفاق النووي، وربما تفتح نزاعاً لا بد أن تنعكس آثاره على لبنان، حقل التجارب، والصندوق الدائم للرسائل.