الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران وأميركا في شرق سورية

إيران وأميركا في شرق سورية

14.07.2019
باز بكاري


العربي الجديد
السبت 13/7/2019
لم يكن حدث اجتماع القدس الذي ضم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ونظيريه الروسي نيكولاي باتروشيف والإسرائيلي مئير بن شبات، ليمر من دون انعكاسات على الأرض السورية. انعقد وسط هالة إعلامية، سبقته وتزامنت معه وتلته، ترافق ذلك مع تحركات على الأرض في سورية، وبالتحديد في شرق البلاد، هناك حيث الاحتكاك المباشر بين الدولتين الخصمين، إيران والولايات المتحدة الأميركية، إذ تشير التقارير الإعلامية إلى تكثيف القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها نشاطها، سواء على صعيد التحرّكات العسكرية وعمليات إعادة الانتشار لهذه المليشيات، أو على صعيد تكثيف التحركات لضم أعداد من المنتسبين إلى صفوف مليشياتها من أبناء المنطقة، بغية تثبيت طهران أقدامها في المنطقة التي تعتبر استراتيجية بالنسبة لها، فهي مدخلها البري الرئيس الذي من شأنه ربط عواصم السيطرة الإيرانية، اعتباراً من طهران مروراً ببغداد فدمشق وانتهاء ببيروت. ليس سراً أن عمليات تشيُّع تجري، وأن إيران تنشط في كسب ود العشائر في محافظة دير الزور وريفها. وليس سراً عسكرياً كذلك أنها دفعت كل ما لديها من نفوذ في سورية، لأن تتمركز مليشيات تابعة لها على الحدود السورية - العراقية. في مقابل ذلك، تتحرّك الولايات المتحدة في منطقتي نفوذها في سورية، الأولى في شرق الفرات، فقد زادت وتيرة إرسال المساعدات والمعدات العسكرية إلى المنطقة أخيرا، تحت غطاء محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ودعم "قوات سورية الديمقراطية"، في تجفيف منابع التنظيم وخلاياه النائمة التي تؤرق بشكل فعلي مسؤولي المنطقة. وفي موازاة ذلك، عادت واشنطن إلى تفعيل نقطة سيطرتها الأخرى في سورية، وهي قاعدة التنف، فالتقارير الإعلامية تشير إلى فتح قاعدة التنف باب الانتساب إليها أمام الشبان السوريين من أبناء المنطقة، بغية تدريبهم ضمن معسكرات في الأردن، على الحدود السورية - الأردنية، إضافة إلى قيام قوات التحالف في التنف بمناورات عسكرية في المنطقة، بمشاركة قوات تابعة للمعارضة السورية المسلحة.
واحتضنت مدينة القامشلي في محافظة الحسكة السورية "المنتدى الدولي حول داعش"، بمشاركة عربية وغربية، وكان الحضور العربي، والخليجي خصوصا، واضحاً في المؤتمر، الأمر الذي يفيد بدعم عربي خليجي للمشروع الأميركي في شرق الفرات.
يدرك كل من واشنطن وطهران أهمية السيطرة وتوسيع رقعة النفوذ في هذه المنطقة، سواء
"دعم عربي خليجي للمشروع الأميركي في شرق الفرات" لثروات طبيعية فيها تحت الأرض، أي النفط، وفوق الأرض، أي القمح وباقي المحاصيل التي تجعل منطقة الجزيرة السلة الغذائية لسورية، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي للمنطقة، ضمن الجغرافيا السورية، كونها تقع في المثلث الحدودي بين سورية والعراق وتركيا. وقد دعت واشنطن حلفاءها الأوروبيين إلى إرسال قوات عسكرية إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سورية، حيث تفيد الأخبار بقبول فرنسي وبريطاني دعوة واشنطن في ظل رفض ألمانيا.
في ظل هذه التحركات، ذهبت موسكو بعيداً عن ساحة الجزيرة السورية، وعمدت إلى إجراء تغييرات في هرم السلطة للنظام السوري في دمشق، وهذا ما يبدو أيضاً بقبول روسي لتحجيم دور إيران في سورية، ولو أن المهمة ليست سهلة، ولم تجاهر موسكو بقبول هذه الصفقة. وأيضاً غضّت موسكو الطرف عن شن إسرائيل غارات عنيفة على مواقع إيرانية في سورية، من دون أن تشغل منظومتها الدفاعية إس 300.
خلاصة القول إن التحركات الأميركية لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة بدأت من الأرض السورية، مع وجود تفاهم أميركي - روسي حول هذه النقطة، في مقابل تحرّكات إيرانية على الأرض لمواجهة التحرك الأميركي، وهذا ما ينذر بوقوع مواجهة مباشرة، أو غير مباشرة، محدودة بين واشنطن وطهران على الأرض السورية، قد يكون فيه التخطيط والإشراف أميركياً وإيرانياً، والتنفيذ موكلاً لمقاتلين سوريين من أبناء المنطقة.