الرئيسة \  مشاركات  \  إيران والخداع السياسي

إيران والخداع السياسي

25.01.2016
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
تعتبر التقية  من أصول عقيدة التشيع . وقد نقل علماء الشيعة مثل ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي / عاش في القرن الرابع  للهجرة / وهو غير نصير الدين الطوسي الذي عاش في القرن السابع للهجرة وكان صديقا لهولاكو وحثه على غزو بغداد والقضاء على الدولة العباسية ،  نقلا عن الامام جعفر الصادق / وهو بريء من ذلك / بأن التقية كانت مذهب آباءه ، والتقية يعني ، كما يقول شيخ الشيعة الكليني / محمد بن يعقوب الكليني من علماء الامانية في القرن الرابع للهجرة /  وهو مثل البخاري عند القوم  ،  التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه وكتمان المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعاقب في الدين او الدنيا ، ويرى محمد جواد مغنية في كتابه / 1904 – 1979 في كتابه  الشيعة في الميزان / هي أن تقول او تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك او مالك او لتحفظ كرامتك . هذه الآراء كان بعض الصحابة والتابعين وغيرهم يرون بها النفاق بعينه . ويؤكد الشيخ المفيد وهو / محمد بن محمد بن النعمان المذحجي 948 – 1022 م / في كتابه تصحيح عقائد الشيعة
وقد قيل في تعريف السياسة آراء  كثيرة فمنهم من عرَّف السياسة  بفن المُمْكن ومنهم من عرفها بفن الكذب والتقية هي من فنون الكذب السياسي والديني والاجتماعي وغيره . 
ومنذ تنفيذ المملكة العربية السعودية عقوبة اعدام عناصر محسوبة على الارهاب يحملون فكرا مستعصيا ومتعصبا ينتمون الى أهل السنة والجماعة ، عقوبة الاعدام ومعهم برجل الدين الشيعي نمر النمر وذلك يوم 2 كانون ثان / يناير الحالي  ازداد الفتور بين البلدين وانتقادات وتحريض ايران الشيعة ودول اوروبية وغير اوروبية على السعودية متخذة اعدام النمر ذريعة الى جانب قضايا حقوق الانسان ، فقضايا حقوق الانسان تعتبر في اوروبا في غاية الحساسية وكأن ايران وحدها من بين دول الخليج العربي ودول العالم التي تحترم حقوق الانسان وتصون كرامته ولا يوجد فيها عقوبات اعدام علما ان طهران تأتي في مقدمة دول العالم بعد الصين وكوريا الشمالية وكوبا بتنفيذ عقوبات الاعدام فيها .
والتحريض على السعودية ليس بجديد فهو قديم  منذ  نجاح االثورة الخمينية عام 1979 فقد كانت إذاعة طهران تفتتح برامجها باللغة العربية بتلك الاية في سورة القصص / ونريد أن نمن على الذين استضغفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين / ويقصدون بذلك الشيعة في كل مكان ولا سيما في السعودية ودول الخليج اضافة الى لبنان والعراق . أما في سوريا فالشيعة بها أقلية الا ان طهران استغلت حكم حافظ اسد وهو من الطائفة النصيرية / احدى الفرق الباطنية / ورأت بحكمه ضالتها لتمكين أقدامها ببلد يعتبر معقلا من معاقل اهل السنة ، ولذلك نرى اقناع الزعيم الشيعي في لبنان الراحل موسى الصدر , وهو شخصية لا تزال غامضة /  يقنع النصيريين في طرابلس بانهم من الشيعة الجعفرية وقام بتعيين لهم شيخا ومفتيا , وأعلن خميني ايران بتصريحاته التي يبثها لاهل بلاده وجلدته بان النصيريين شيعة يجب مساعدتهم والوقوف معهم ولذلك وقف الى جانب حافظ أسد ضد الاخوان المسلمين الذين اضطروا للدفاع عن انفسهم عندما اعلن حافظ اسد الحرب عليهم وقام بتدمير مدينة حماة وارتكب مجازر في سجن ندمر وغيره ووصف خميني الاخوان المسلمين بالخيانة  واتهم السعودية بتأييدهم  مصحوبة ايضا مع زعماء حكومة الملالي برسائل يغازلون بها القيادة السعودية ظاهريا مملوءة بالحقد باطنيا وذلك من التقية التي ينتهجونها .
الا ان التحريض على السعودية ارتفع بشكل سافر منذ  التوصل الى الاتفاق المبدئي بانهاء ملف ايران النووي سياسيا في شهر تشرين اول /اكتوبر من عام 2013 وانتهى بتوقيع ايران على اتفاقية انهاء الملف ونزاعها مع الغرب بشكل نهائي في شهر حزيران / يونيو من عام 2015 المنصرم فايران رأت باتفاقها مع الغرب دعما لسياستها التي تنتهجها بدول الخليج العربي وفي سوريا ولبنان والعراق وافريقيا ايضا بعد أن فشلت سياستها في البلقان وبلاد القوقاز الشمالية وبرفع العقوبات عنها سيساهم بانتعاشها اقتصاديا ويمكن لها تحقيق أطماعها في اليمن بشكل اكثر من ذي قبل .
ويرى خبراء سياسة منطقة الشرق الاوسط  ومراقبو تلك المنطقة بان الغرب يقف وراء تمادي ايران بتحرشها بالسعودية ، فالغرب ينظر الى مسلمي اهل السنة والجماعة الاخطر على مستقبل الغرب بمنطقة الشرق الاوسط فاهل السنة عرف تاريخهم بالقوة وتجاوزهم لازمات شديدة فالحروب الصليبية والغزو المغولي خرج المسلمون منها منتصرين وهم يتنادون دائما للوحدة والتصامن ومواجهة عدوهم المشترك  ولذلك فهم يرون بنظرية المفكر الامريكي صموئيل هونينغتون الذي اشار بمحاضرته بمؤتمر عن حوار الثقافات عام 1995 بمعهد الفريد هيرهاوزين بمدينة فرانكفورت وبكتابه / حرب الثقافات / الذي ظهر إثر حوادث 11 أيلول  سبتمبر عام 2011 ببرلين  بأن الثقافة الاسلامية  هي المنتصرة ويخشون من تنبؤات قائد حلف شمال الاطلسي / الناتو / سابقا جون كالفين الذي اشار عام  1989بان الحرب البادرة انتهت وسيقوم الغرب بتجديد نزاعهم  القديم مع الاسلام من جديد وسينتصر المسلمون في هذا النزاع الذي ستقف فيه ايران الشيعية مع الغرب ضد مسلمي اهل السنة والجماعة .
وقديما قال الشافعي رحمه الله :
لا خير في ود امرئ متلون  اذا الريح مالت مال حيث تميل
ويؤكد هؤلاء الخبراء والمراقبون انه لن يكون هناك على المدى القريب اي صلح وتفاهم بين الرياض وطهران فالهوة واسعة وعميقة وايران التي تتخذ من اعدام الرياض نمر النمر تشن حربا كلامية ضد السعودية ستسفر عن حرب حقيقية .
وقديما قال نصر بن سيار يحذر بني امية من الفرس الذين كانوا وراء دعم دعوة ابي مسلم الخراساني ضد الامويين تحت   غطاء دعوة بني العباس واعطاء الخلافة للهاشميين :
أرى خلف الرماد وميض جمر ويوشك ان يكون له ضرام
فان النار بالعودين تذكى  وان الحرب مبدؤها كلام
فان لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
فقلت من العجب ليت شعري   أأيقاظ أمية أم نيام