الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران والنظام السوري نحو مقاربة "الانفتاح" فهل تتمدّد العدوى إلى لبنان "الساحة"؟

إيران والنظام السوري نحو مقاربة "الانفتاح" فهل تتمدّد العدوى إلى لبنان "الساحة"؟

19.10.2013
روزانا بومنصف


النهار
الجمعة 18/10/2013
أيا تكن الاسباب التي دفعت بايران الى ابداء الاستعداد للانفتاح وتقديم المبادرات حول ملفها النووي من اجل ايجاد حل جدي له، وهي كثيرة ويردها كثر الى عدم امكان تحمل ايران المزيد من انهيار اقتصادها تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الدولية عليها، فان هذه الخطوات التي اقدمت عليها اتت بعد تغيير جوهري على مستوى الرئاسة الاولى والادارة العملانية على نحو يشي بان الادارة السابقة او المقاربة السابقة العدائية والاستفزازية لم تكن فاعلة.
وثمة من لاحظ بالتوازي ايضا على صعيد الملف السوري المنطق الجديد الذي يسعى الرئيس السوري الى تسويقه منذ بعض الوقت من خلال تظهير تسليمه الاسلحة الكيميائية الى المجتمع الدولي على انها انتصار له وليست خسارة او تراجعا. ومع ان قلة باتت تتنبه الى خطاب الرئيس السوري او تولي مضمون الاحاديث الصحافية التي اكثر منها في الآونة الاخيرة اهمية في مؤشر كما يقول هؤلاء الى عدم اعطاء الخارج اي اهمية لمواقف النظام او المنطق الذي يسوقه باعتبار ان الزمن تجاوزه، فان هذه القلة لفتها قول الرئيس السوري في حديث اخير: "ان امن سوريا واستقرارها تحميهما السياسة اكثر من الترسانة العسكرية وان التوازن الدولي هو الضمانة الامثل" في تبرير لتخليه بسرعة وطوعا عن الاسلحة الكيميائية التي جمعها للتوازن مع اسرائيل. يمكن المهتمين فتح ملف التغيير في موقف النظام السوري على قاعدة التناقض بين هذا المنطق ومنطق "المقاومة" "الذي عيّر الدول العربية في وقت ما بعدم تبنيه ويعتبر انه هو مركز الثقل فيه في المنطقة معا الى جانب ايران و"حزب الله" في لبنان". الا ان مثار الانتباه في هذه النقطة بالنسبة الى مصادر سياسية لبنانية هو ما سعى افرقاء لبنانيون كثر الى اعتماده وتبنيه من اجل الدفاع عن لبنان في مراحل عدة من تاريخه الحديث والذي رمى الى تعميم منطق ان لبنان تحميه سياسته وتوازنه وليس الترسانات العسكرية خصوصا في مراحل استخدامه ساحة اقليمية بديلة في الصراع مع اسرائيل وتسليح افرقاء من دون افرقاء آخرين. وكانت تهم التخوين تتصاعد من النظام السوري مباشرة كما من حلفائه لهذا المنطق "الانعزالي" في رأيهم ما دام لا يجعل لبنان ساحة او معبرا للدول الاقليمية لمواجهة اسرائيل بالواسطة وعبر اللبنانيين واحيانا عبر الفلسطينيين من لبنان ايضا. ولذلك فان السؤال البديهي الذي يثار في هذا الاطار هو اذا كانت السياسة تحمي سوريا واستقرارها فماذا عن لبنان وابقائه ساحة بديلة كما كان دوما ولماذا تعمد ايران الى تغيير كل اسلوبها وتعتمد الحوار والمفاوضات الديبلوماسية لحل نزاعاتها في حين يبقى الحل العسكري استراتيجية معتمدة للبنان؟ وتاليا هل منطق "المقاومة" والتوازن الرادع يجب ان يستمر في ان يسري على لبنان وحده ومن لبنان او عبره في مقابل هذه التغييرات الايرانية والسورية ام يجب ان يسري عليه ايضا منطق "الحماية السياسية" والديبلوماسية ؟
البعض يعتقد ان منطق تحييد لبنان اكان سمي "اعلان بعبدا" او سوى ذلك يجب ان يجد سندا داعما له في المقاربتين الايرانية والسورية باعتبارهما المؤثرتين على عدم تحييد لبنان وابقائه ساحة وحيدة. فكما ان السياسة العدائية السابقة لهذا المحور كانت تحاول ان تشمل لبنان قسرا في اطارها فينبغي ان تشمله المقاربة السياسية الجديدة على رغم ان مصادر سياسية عدة تستعيد مواقف لمسؤولين ايرانيين عن "المقاومة" تهدف الى بقاء القديم على قدمه وعدم شموله بالتغيير تماما على غرار ما كانت تنعم سوريا بالسلم في الجولان وفي كل سوريا في الوقت الذي كانت تشعل او تدعم اشعال الجبهة مع اسرائيل من الجنوب اللبناني. في حين تعتقد مصادر سياسية اخرى انه من المبكر الجزم في هذا الاتجاه باعتبار ان التعاطي مع "حزب الله" كان في جزء كبير منه جزءا من التعاطي مع ايران ايضا والضغوط المتبادلة بين الجانبين الغربي والايراني كان يحصل عبر واقع الحزب في لبنان، لذا فانه من المثير للاهتمام رؤية اي تحولات ستطرأ على هذا الواقع تبعا للتطورات التي يقال انها ايجابية ومشجعة في ملف التفاوض الغربي مع ايران ومع تحول "امن سوريا واستقرارها" الى الحماية السياسية بدلا من الحماية العسكرية.