الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ائتلاف المعارضات السورية.. تيه يتواصل!

ائتلاف المعارضات السورية.. تيه يتواصل!

10.09.2014
محمد خروب



الرأي الاردنية
الثلاثاء 9-9-2014
في انتظار "الاستراتيجية" التي يستعد الرئيس الاميركي باراك اوباما الكشف عنها يوم غد الاربعاء لدحر "الدولة الاسلامية" والقضاء عليها, وفي غمرة ترتيب التحالفات والاصطفافات الجديدة التي ستبلورها الادارة الاميركية في المنطقة, بعد أن اعلنت عن اسماء دول الحلف الذي ستقوده في حربها على "داعش" وبخاصة ان تلك الدول "العشر" ليست كافية والحاجة ماسة الى دول عربية "سُنيّة", على ما قال الاميركيون بالحرف, فإن المدقق في المشهد الاقليمي, يلحظ أن الحركة المحمومة والمحتقنة التي تبدو عليها المنطقة, دولها وشعوبها, لا تعكس بالفعل حقيقة ما يجري تحت السطح, وعمّا اذا كان "الرعب" الذي تشعر به أو تُبديه بعض دول المنطقة نابعاً من خوفها على سلطتها (الهشة والآيلة للسقوط كما يجب التنويه), أم أنها تستشعر خطراً من اكلاف واستحقاقات "أمر العمليات" الاميركي, الذي لا يترك لها خيار الرفض أو القبول, بل يدفعها دفعاً للاصطفاف في الحلف المناهض لداعش في العراق فقط (الفرع الداعشي في سوريا مُستبعد حتى الان من الضربات الاميركية الجوية, حيث حسم اوباما أمره وقال جون كيري في وضوح: إن ارسال القوات البرية خط أحمر لا يجوز تجاوزه).
إئتلاف المعارضات السورية يعيش حالاً غير مسبوقة من التيه والارتباك, يبدو أنها ستتواصل, بعد أن نبذه الجميع ولم يعد أحد من دول "اصدقاء" سوريا, يرى فيه عاملاً مساعداً أو ورقة رابحة أو حتى حصاناً تمكن المراهنة عليه, بعد أن فقد دوره أو استنفده, وانكشف "قادته" كباحثين عن السلطة والمال والامتيازات, بل وبدا معظمهم وكأنه "مُستشرق" لا يعرف من سوريا غير اسمها وبعض الرطانة الثورية الفارغة, حيث سقطت صيغة الائتلاف, بعد أن ظن الرعاة والممولون والمحرضون, أنه سيكون مختلفاً عن مجلس اسطنبول, فإذا بشهاب الدين أسوأ من أخيه, ما بالك أن المتمردين الذين خلعوا على أنفسهم اسم "الجيش الحر" قد تبخّروا وراح كل منهم "يفتح" على حسابه, لواء أو جبهة أو كتائب أو جيشاً, يبتز ويغتصب ويُهرّب؟
ثم إن "تجربة" الحكومات المؤقتة سجلت فشلاً ذريعاً وتم "إسقاط" كل اصحاب الدولة الذين جيء بهم من العواصم الغربية, وكان اخرهم احمد طعمة, الذي قيل لنا أن حكومة ستخلفه خلال شهر, فإذا بالشهر الثاني ينتهي ولا "حكومة" في الأفق, بل ثمة من يقول أن أحمد طعمة ذاته سيعود وأن الائتلاف في صدد تأجيل اجتماعه, الذي كان مقرراً منتصف الشهر الجاري, الى أجل غير مسمّى, بعد أن تعمّقت الخلافات بين صفوفه وارتفع منسوب التراشق والاتهامات بالفساد والارتباط بالنظام, لدى مكوناته، ومع ذلك بقي بعضهم يُمنّي النفس "بمقعد" سوريا في جامعة الدول العربية (مع انه مقعد لا يسمن ولا يغني من جوع، بل ثمة من يرى فيه سُبّة, لأن لا قيمة له ولا للجامعة ذاتها), فذهب الى القاهرة كي يستصدر قراراً بملء المقعد, فقيل له ان من "حقه" الحضور, لكنه لن يُمنح المقعد فتراكمت الخيبات وتعمق التيه.
أين من هنا؟
حقائق المشهد الميداني السوري تشي بان المتمردين والارهابيين على اختلاف تنظيماتهم وفروعهم وشركاتهم الممتهنة القتل والنهب والاعدامات والاغتصاب.. في حال تراجع، وأن الضربات التي يتلقونها والخسائر البشرية والمادية التي تلحق بهم تضعهم على طريق التصفية وبخاصة ان الجميع الان بدأ يتحسس رأسه, وأن ادراك عواصم القرار الدولي بان مخاطر الارهاب الذي موّلوه وجاؤوا به الى سوريا عبر الحدود التركية وغيرها, ستطالهم، فضلاً عن ان هؤلاء (الدواعش) قد استشعروا قوة، فظنوا ان بمقدورهم كتابة جدول اعمال المنطقة عبر بث الرعب في نفوس الجمهور, الذي بدأ يؤثر السلامة اكثر مما يبديه من استعداد لمواجهة هذا الوباء.
وإذا كانت واشنطن وبعض حلفائها في انقرة والمنطقة العربية, ما تزال تُصرّ على استبعاد دمشق وطهران وخصوصا موسكو من "الحلف" الذي سيواجه داعش ودولته، فإن من المهم الاشارة الى ان نجاحاً لن يكتب لحلف كهذا، إذا ما أصرّ على التعاطي مع خطر الارهاب المتخلف والاجرامي الذي تمثله الدولة الاسلامية بعقلية الثأر وتصفية الحسابات وتسجيل النقاط, في محاولة لتصويب اوضاع مُعقّدة اوقع نفسه فيها, او حرائق اشعلها, كما هي الحال في اوكرانيا على سبيل المثال او في شأن مفاوضات مجموعة 5الثلاثاء 9-9-20141 مع ايران في شأن ملفها النووي، حيث بدأت "المهلة الجديدة" بالتقلص وتوشك على النفاد.
لن يخرج إئتلاف المعارضة السورية من مأزقه الراهن ولن يلتفت اليه احد, بعد ان "رسب" في امتحان النتيجة, لكن استبعاد دمشق وطهران وموسكو من الحلف الآخذ في التشكل والبروز سيكون خطأ كبيراً, قد لا يمكن استدراكه في وقت لاحق, لأن واشنطن ستكون قد "كررت" الخطأ الكبير الذي ارتكبته, عندما قامت بغزو العراق وحلّ جيشه و"تصميم" دستور طائفي ومذهبي ادخل العراق في الفوضى والمجهول.