الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتفاق جنيف طوق نجاة للاسد

اتفاق جنيف طوق نجاة للاسد

17.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاثنين 16/9/2013
شهدت جنيف السبت توصل وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف وامريكا جون كيري لاتفاق نزع الاسلحة الكيماوية لدى نظام الرئيس بشار الاسد، لكن الاحتفال بالتوصل لهذا الاتفاق كان في دمشق وتل ابيب، ففي حين حصل الرئيس السوري على طوق نجاة، ازاح عنه شبح ضربة عسكرية قد تؤدي لاضعافه وانهاء نظامه، لم تخف اسرائيل ارتياحها لهذا الاتفاق الذي ينزع سلاح سورية الاستراتيجي.
وبعد ساعات من اعلان الاتفاق، طار وزير الخارجية الامريكي الى اسرائيل، وعرض على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تفاصيل الاتفاق وتطورات الازمة السورية.كيري الذي بدا مزهوا في تل ابيب بالتوصل لاتفاق جنيف، لم يتطرق بحديثه مع نتنياهو لضرورة اخلاء الشرق الاوسط وبالتالي اسرائيل من الاسلحة الكيماوية، علما ان تل ابيب تمتلك ترسانة ضخمة من الاسلحة الكيماوية والنووية.
فحسب مجلة ‘بوليتين اوف ذي اوتوميك سيانتيست’ في عددها الاخير، تمتلك اسرائيل 80 رأسا نوويا متفجرا، ولديها مادة مشعة تسمح بانتاج ما بين 15 و190 قنبلة نووية.
ومن المفارقة ان اسرائيل التي لم توقع على معاهدة عدم انتشار الاسلحة الكيماوية، ستكون الشرطي الذي سيراقب الكشف عن الاسلحة السورية، فحسب افيغدور ليبرمان رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست، ستتمكن اسرائيل، بعد اسبوع حين تقدم سورية قائمة بمواقعها للاسلحة الكيماوية، من اختبار مصداقية الاسد، وما اذا كان سيسلم خارطة مواقع الاسلحة الكيماوية، وعندها ستقارن اسرائيل بين المعلومات التي سيسلمها الاسد والمعلومات الموجودة لدى اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية.
كما ان نتنياهو بدا واضحا بتقمص دور الشرطي، وهو يعلن بينما كان يقف بجانب كيري ان الاختبار الفعلي للاتفاق سيكون تطبيقه والتفكيك الكامل لكل ترسانة الاسلحة الكيماوية لدى النظام السوري.
اتفاق جنيف كان خبرا سيئا للمعارضة السورية، التي كانت تأمل ان تؤدي ضربة عسكرية للنظام بترجيح كفة الحرب لصالحها، بينما النتيجة كانت اعطاء النظام وقتا كافيا لمواصلة القتل، وربما انهاء المعارضة. فعملية نزع السلاح الكيماوي التي حدد الاتفاق فترتها بعدة شهور قد تتطلب وقتا أطول بسبب عدم امكانية توفير الامن للخبراء في ظل المعارك. وحسب خبراء في تدمير الاسلحة الكيماوية فان عملية السيطرة عليها تتطلب ما بين سبع الى عشر سنوات، فروسيا التي كانت تملك 2.5 طن من الاسلحة الكيماوية وامريكا التي كانت تملك 30 ألف طن، لم تنتهيا من تدمير ترسانتيهما، علما انهما بدأتا بذلك منذ اكثر من 15 عاما.
فتدمير هذه الاسلحة يتطلب انشاء بنى تحتية في سورية خاصة للعملية، فالاتفاقية الدولية تفرض تدمير الاسلحة في اراضي الدولة التي صنعتها، كما ان هذه العملية ستكلف مئات ملايين الدولارات، لم يتم الاتفاق على من سيتحملها.
تحركات امريكا بعد الهجوم الكيماوي على ريف دمشق، ركزت على الاسلحة الكيماوية، رغم ان ضحاياها لا يشكلون سوى نحو 2 بالمئة من اجمالي قتلى الحرب في سورية، مما يعني ان ما يهم امريكا ليس الضحايا السوريين الذين تجاوز عددهم المئة الف قتيل، بل الاسلحة الاستراتيجية التي قد تهدد سكان الجليل، ولو كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مهتمين بالمدنيين والضحايا السوريين لاصروا على ان يشمل الاتفاق القوة الجوية والاسلحة الباليستية التي تحصد العشرات يوميا.
جاء اتفاق جنيف، بعد ان واجه الرئيس الامريكي باراك اوباما معضلة عدم حصوله على تفويض من الكونغرس لتوجيه ضربة عسكرية للنظام، ومن اسباب تردد المشرعين الامريكيين بمنح التفويض لاوباما، الخوف من ان يساعد اضعاف الاسد الاسلاميين المتشددين الذين يقاتلون في سورية، مما يعني بالمحصلة ان وجود هؤلاء الاسلاميين ساهم ببقاء الاسد.