الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتفاق ناقص لنزع السلاح الكيماوي

اتفاق ناقص لنزع السلاح الكيماوي

29.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 28/9/2013
الاتفاق الروسي ـ الامريكي على مشروع قرار لنزع السلاح الكيماوي في سورية، والذي من المقرر ان يكون مجلس الامن الدولي قد اقره الليلة الماضية، يحقق المطالب التي تهم الدول الغربية، التي تعتبر حسب صياغة القرار ‘السلاح الكيماوي تهديدا للامن الدولي’، لكن للاسف خلا هذا القرار من معاقبة المسؤولين عن ارتكاب مجزرة بالاسلحة الكيماوية في 21 آب (اغسطس) الماضي التي راح ضحيتها اكثر من الف شخص، كما يعني اعطاء شرعية لبقاء النظام السوري، على الاقل طيلة الشهور التسعة المقبلة، المتوقع ان يتم خلالها التخلص من الاسلحة الكيماوية.
المجازر التي ارتكبها النظام السوري وراح ضحيتها اكثر من مئة الف مواطن، وادت لتهجير الملايين، تستحق اهتماما، خاصة من مجلس الامن، الذي كان من الواجب ان يتضمن قراره نصوصا تحمي ابناء الشعب السوري مثل الزام النظام بفتح ممرات آمنة للاغاثة ولنقل المرضى والمصابين، ومنعه من استهداف المستشفيات، ومن استخدام الطيران الحربي.
الاتفاق الروسي ـ الامريكي على مشروع قرار مجلس الامن، الذي’اعتبرته الخارجية الامريكية تاريخيا وغير مسبوق، يمنح الاسد مزيدا من الوقت في محاولات استعادة السيطرة على الاماكن ‘المحررة’ في سورية، مستفيدا كذلك من الفوضى في صفوف المعارضة.
العجز الدولي عن محاسبة نظام الاسد، وعن دعم الشعب والمعارضة، ساهم وعزز من انتشار الجهاديين في سورية واضعف الائتلاف السوري، وقد وصلت الفوضى في صفوف المعارضة الذروة هذا الاسبوع، فبعد ان سحبت قبل ايام 13 جماعة مقاتلة في المنطقة الشمالية في سورية (من ضمنها ثلاث تنتمي للجيش الحر) اعترافها بالائتلاف، اعلنت يوم امس سبعة الوية وكتائب مقاتلة في جنوب سورية عدم اعترافها بالائتلاف واتهمته بخذلانها وعدم الرقي الى حجم المتطلبات والحاجات.
وترافق ذلك مع ممارسات استفزازية يقوم بها المقاتلون الجهاديون من الدولة الاسلامية في العراق والشام، من ضمنها احراق محتويات كنيستين ورفع رايتهم على واحدة منهما بعد تحطيم الصليب الذي يعلوها، وهذا ما يزيد النقمة الشعبية في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الجهادية.
هذه الممارسات اضافة الى التناحر بين قوات المعارضة السورية والجهاديين القادمين من الخارج والقتال بالاسلحة الثقيلة بين قوات معارضة وجهادية من جهة وقوات حزب الاتحاد الكردستاني من جهة اخرى، يراقبها النظام السوري بارتياح كبير، على امل ان تطغى صورة الاقتتال الطائفي والمذهبي على الثورة ضد النظام.
هذه الصورة القاتمة كانت جلية بكلمة احمد الجربا ممثل الائتلاف امام الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث نقل الاعلام منها تركيزه على المتطرفين الذين قدموا من خارج الحدود لسرقة الثورة، بدلا من استغلال هذا المنبر لقضية واحدة هي ضرورة انهاء حكم الاستبداد في سورية.
هذا الوضع السوري انعكس كذلك في كلمة لوزير الخارجية الامريكي جون كيري بأن سورية ستنهار قبل ان يتمكن اي طرف من ان يزعم تحقيق نصر عسكري، لكن ما لم يقله كيري هو ان بلاده تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بالوصول لهذا الوضع، من خلال حجبها للدعم ومساعدة المعارضة، ما ادى لانتشار مقاتلي القاعدة وتفوقهم في العديد من المناطق السورية.